اعتبر الأمين العام ل​حزب الله اللبناني،​ ​السيد حسن نصر الله، في كلمة له بمناسبة ذكرى الانتصار في ​حرب تموز​ 2006، أن “ما جرى في تموز 2006 كان حربا حقيقية، وهذا ما أعلنه العدو عندما نقل توصيفها من عملية إلى حرب وسماها حرب ​لبنان​ الثانية”.

إيران برس - الشرق الأوسط: وأكد سماحة السيد نصر الله مساء اليوم الجمعة: في البداية أبارك للجميع اللبنانيين وشعوبنا العربية والإسلامية بهذا الانتصار، والشكر أولًا وأخيرًا لله، والشكر لكل الذين كان لهم دور في صنع هذه الملحمة من الصمود والانتصار، للشهداء الذين كانوا في غاية الجود، شهداء المقاومة والجيش والقوى الأمنية وفصائل المقاومة والمدنيين.

وتابع: أخصّ بالذكر الشهيد القائد “عماد مغنية” والشهيد القائد “مصطفى بدر الدين” الذين كانوا يديرون الحرب ، ولا بد أن نذكر وجود الشهيد القائد “قاسم سليماني” الذي تواجد معنا في غرفة العمليات. الشكر لعوائل الشهداء أيضًا ولم نر منهم إلا الصبر والتسليم بمشيئة الله.

وأضاف سماحته: في موضوع استقبال المهجرين، الشكر لإخواننا وأهلنا في سوريا الذين استقبلوا في الحرب عشرات الآلاف من اللبنانيين، أيضًا في الموقف السياسي نتوجه بالشكر إلى الذين ساهموا في الإدارة السياسية للحرب، من فخامة الرئيس “إميل لحود” الذي تحمل الكثير وبذل جهودًا كبيرة حتى لا تنحرف الحكومة باتجاه خطر، وأيضًا يجب أن نشكر الرئيس “نبيه بري” الذي كان يدير كل المفاوضات الصعبة منذ اليوم الأول للحرب وحتى النهاية. الشكر لكل القيادات الوطنية والمرجعيات الوطنية وكل شرائح المجتمع، للجميع الذين ساندوا ولكل الدول التي وقفت إلى جانب لبنان، والشكر لكل الشعوب والأحزاب ولكل أحرار العالم.

- حرب تموز 2006

واستطرد السيد نصرالله: ما جرى في تموز 2006 كان حربًا حقيقية، وهذا ما أعلنه العدو عندما نقل توصيفها من عملية إلى حرب وسماها حرب لبنان الثانية، كانت حربًا فرضها العدو بقرار أميركي.

وقال: لبنان على المستوى العسكري قاتل وحيدًا ووقف وحيدًا من الناحية العسكرية أمام الكيان الغاصب ويُعتبر من أقوى الجيوش في العالم، 33 يومًا مضت والمقاومة وشعبها ولبنان يصمد ويبادر ويصنع الانتصارات إلى أن أجبرت إسرائيل على وقف عدوانها وتراجعت عن شروطها وكانت النهاية بالقرار 1701.

وبين أنه “كانت لتلك الحرب نتائج استراتيجية على أكثر من مستوى، وسأكتفي بالتذكير بـ3 نتائج أولًا: إيقاف وإفشال مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي كانت تديره أميركا وهذا ما بشّرت به “كوندلايزا رايس” وكل الوثائق أكدت أن الحرب على لبنان كانت جزءًا من هذا المشروع وكان مخططًا أن يدخل لبنان في الهيمنة الأميركية والعودة إلى المنطقة لتصفية القضية الفلسطينية، وثم يتمّ تكريس خريطة جديدة للشرق الأوسط تكون فيها إسرائيل هي المحور لكل ما يجري في المنطقة، والأميركي يحاول الآن تثبيت إسرائيل الخائفة المرعوبة وتابعوا الإسرائيليين وتعرفون أنهم يعيشون مخاوف من خطر الوجود والبقاء لهذا الكيان السرطاني، والنتيجة الثانية: حرب تموز كشفت حقيقة الكيان ومستوى الترهل في منظومته العسكرية والأمنية وجبهته الداخلية وقدرته على الصمود ولذلك لجأ للعالم لوقف الحرب، ونتائج الحرب تركت آثارًا عميقة حتى اليوم، 14 سنة وما زالت آثار الهزيمة حاضرة وبقوة وما زالت عندنا آثار الانتصار والثقة والأمل بالمستقبل والاستعداد للاستحقاقات المستقبلية، والنتيجة الثالثة هي أن المقاومة في حرب تموز استطاعت أن تثبّت قواعد اشتباك تحمي لبنان، وإنجاز 2000 هو التحرير وإنجاز 2006 هو الحماية، إلى اليوم الإسرائيلي يعرف تمامًا، ما كنا نشهده من اعتداءات اسرائيلية وضع في إطار، اليوم هناك معادلة تحمي لبنان اسمها “توازن الردع” وهي تشتد يومًا بعد يوم وهذا ما يعرفه الإسرائيلي وأسياده.

وأوضح السيد نصر الله أن “المعادلة التي تحمي لبنان، لا جامعة الدولة العربية ولا القرارت الدولية التي تحمي لبنان، بل الذي يحمي لبنان منذ 14 سنة هي هذه المعادلة وتوازن الردع، واليوم في الحقيقة مشكلتنا في لبنان مع أميركا وإسرائيل، ومشكلتهم معنا هي قوة المقاومة ومصالح إسرائيل، والمقاومة تقف حاجزًا في وجه أطماع إسرائيل، لو قبلنا التخلي عن المقاومة وهذا العرض دائمًا موجود، لو قبلنا بذلك وتخلينا عن هذا المسار سيشطبوننا عن لائحة الإرهاب، وكانوا سيقاتلون لنشارك في الحكومة ونصبح أعزّ أصدقائهم، الأميركيون والأوروبيون مشكلتهم الأساسية هي هذه، ويقول سفير الإمارات في واشنطن “قاتلنا حزب الله وحماس من أجل إسرائيل” وهو يبيع الكلام لأميركا وإسرائيل، وهيمنة حزب الله على الحياة السياسية كذبة اخترعوها، لو أوقفنا قتال إسرائيل سيشطبوننا عن لائحة الإرهاب حتى لو تدخلنا في الإقليم، وهم فشلوا في الحرب العسكرية ويعرفون أن أي حرب إسرائيلية مقبلة لن تستطيع أن تضعف حزب الله ولهذا يلجأون إلى وسائل أخرى من الأفخاخ والكمائن وما يجري في لبنان اليوم جزء من هذه المعركة، وأقول في ختام هذا المقطع، بالنسبة إلينا “المقاومة مسألة وجود وهي الهواء الذي نتنفسه للبقاء على قيد الحياة”.

وأوضح السيد نصر الله أن “المقاومة بالنسبة للبنان وشعب لبنان هي شرط وجود وليست خصوصيات إضافية يمكن الاستغناء عنها، المقاومة خيارنا مهما كانت الضغوط، ومنذ أكثر من أسبوعين كان العدوان الإسرائيلي على مطار دمشق وأدى لاستشهاد عنصر لحزب الله وكان معروفًا لدى إسرائيل بأن حزب الله سيردّ ولن يسكت وذهب الإسرائيلي على الإجراءات على امتداد الحدود من الناقورة إلى الجولان ووقف على “إجر ونصف” حتى لا يتمّ النيل من أي من جنوده أو يتمكن حزب الله من القيام بردّ فعل، كان قرارنا أن نردّ، وقرار الردّ الذي نريده هدفه تثبيت قواعد الاشتباك ويجب أن يكون مدروسًا وجديًا، والليلة أود أن أقول أن هذا القرار ما زال قائمًا والمسألة مسألة وقت وعليهم أن يبقوا بالانتظار.

- اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل

وعن اتفاق التطبيع الإماراتي - الإسرائيلي، أكد السيد نصر الله أنه “لم نفاجأ بما قام به الحكام في دولة الإمارات وهذا مسار طبيعي لهم، التطبيع موجود ووزراء إسرائيليون يزورون الإمارات وهناك اتفاقيات بمجالات التعاون، ويبدو أن الحاجة إلى إعلان اتفاق هي حاجة أميركية لصالح ترامب، التطبيع موجود والإعلان عنه مسار طبيعي، وتوقيت إعلان الاتفاق دليل على أن بعض الحكام العرب خدام عند الأميركي، وترامب كان يبحث عن إنجاز خارجي، الأدوات في المنطقة كانوا جاهزين لهذه الخدمة الشخصية لترامب ليستفيد منها في الانتخابات في أضعف لحظة له، وخدمة أيضًا لنتنياهو في أضعف لحظة له ليخرج أمام شعبه ويقول هذا سلام وإنجاز تاريخي، وسنشهد اتفاقات السلام مع إسرائيل من الآن وحتى الانتخابات الاميركية، الآن من أجل تصحيح وضع ترامب، الأميركي سيقوم بحلب الأنظمة العربية سياسيًا كما حلبهم ماليًا، والذي يرضي أميركا يقومون به، ويوم بعد يوم يظهر أن ما قام به الإعلام العربي عن تكبير الخطر الإيراني كله قنابل دخانية من أجل إقامة الصلح مع إسرائيل، وفي نفس الوقت يسعون للاتصال مع إيران في السرّ ويتمنون أن يصلوا إلى وقت لهم علاقة جيدة مع إيران وإسرائيل على حد سواء، والواجب الإنساني والديني والأخلاقي والوطني والقومي يحتم علينا أن يقف ويقول هذا عمل مدان وخيانة للإسلام والعروبة والقدس وللمقدسات، وللشعب الفلسطيني المغدور وللشعوب العربية والإسلامية ولحركات المقاومة، يجب أن نغضب في قلوبنا ولكن لا نحزن.

- تفجير مرفأ بيروت

وعن تفجير المرفأ في بيروت أوضح السيد نصر الله أنه “ليس للحزب رواية عن التفجير والرواية الصحيحة التي يقدّمها من يقوم بالتحقيق وهذه مسؤولية الدولة، ونسمع أنهم يستيعنون بخبرات أميركية وهناك من بشّرنا بالـFBI، ونظريًا هناك فرضيتان: الأولى حادث عرضي وأن النيترات والمفرقعات اشتعلت وحصل الحريق وانفجرت المواد والقصة سببها الإهمال والفساد الإداري، والفرضية الثانية أن يكون عمل تخريبي، أولًا أن يكون أحد تعمد أن يحدث الحريق أو وضع عبوة صغيرة، من يمكن أن يكون خلف ذلك؟ لا أحد يقدر أن ينفي، وبالنسبة لنا ننتظر نتائج التحقيق، البعض يقول إننا نعلم كيف حصل الانفجار، ولكن الأمر ليس كذلك والكثير من الأحداث لا نعرف بها، ونحن معنيون بالمقاومة وأمنها المباشر ولسنا قادرين على تحمل مسؤولية الأمن القومي الداخلي، هذه مسؤولية الدولة التي لديها أجهزة أمنية، وليس لدينا معلومات دقيقة عما جرى وننتظر التحقيق، وإذا أثبت أنه حادث عرضي، على القضاء أن يعاقب المسؤولين، وإذا كان ما حصل عمل تخريبي تبقى المسؤوليات، ولكن يجب أن نفتش من يقف خلف العمل التخريبي، إذا كانت إسرائيل، علينا أن نجلس ونتحدث، والتحقيق يجب أن يستمر ويعطي إجابة للشعب اللبناني كله، لأن ما حصل فاجعة طالت الجميع، وإذا أتى الـFBI سيتمّ إنقاذ إسرائيل من التهمة، التحقيق الدولي لو قبل به لبنان، أول وظائفه ستكون إبعاد أي مسؤولية لإسرائيل لو كان لها مسؤولية، نحن لا نثق بالتحقيق الدولي، وإذا وصل التحقيق اللبناني لمكان أن إسرائيل لها علاقة، من يجاوب الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها وكل الشعب اللبناني، هذا يكون عدوان إسرائيل يستهدف لبنان بكل طوائفه، كدولة وشعب ما هو موقفكم؟ وعندما تصل النوبة أن تجيب عليها المقاومة، حزب الله الذي لا يمكن أن يتغافل عن قتل مجاهد من مجاهديه ويصرّ على تثبيت المعادلة، لا يمكن أن يسكت عن جريمة من هذا الحجم إذا كانت إسرائيل خلفها وستدفع الثمن. وتحدثت سابقًا بأن الأولوية للبحث عن الشهداء والمفقودين والجرحى، منذ اللحظة الأولى بدأ التوظيف السياسي، وأخطر ما حصل أنه أمام هكذا فاجعة أول عناصر التضامن هو الحفاظ على مؤسسات الدولة، شهدنا محاولة ومشروع زمط منه لبنان لإسقاط الدولة وليس المجلس النيابي فقط.

ولفت السيد نصر الله إلى أنه “منذ الساعات الأولى هناك قوى سياسية ووسائل إعلام استغلت آلام الناس ليش فقط ضد حزب الله بل ضد الدولة، والعنوان الأول كان “العهد” و“الرئيس عون” ورأينا استغلالًا كبيرًا خصوصًا في الشارع المسيحي وبدأ هؤلاء بتحميل المسؤولية للرئيس عون وشنّوا حملة شعواء عليه وأنه يتحمل المسؤولية وتجاوزوا كل حدود القانون والأدب وشهدنا الشتائم بهدف الضغط على عون للاستقالة، وفي الوقت نفسه بدأ العمل على الاتصال مع كتل من أجل تقديم استقالات جماعية، يعني عمليًا إسقاط مجلس النواب، وهذه المحاولة فشلت أيضًا، الرئيس عون ليس الشخص الذي تستطيعون إسقاطه بالكذب والشتائم ونحن نعرف موقفه في حرب تموز، الذي رفض تعديل موقفه عندما هُدّد بقصف منزله، ومؤسسة المجلس النيابي أيضًا فشلوا في إسقاطها، والبعض يقبلون بانتخابات مبكرة ولكن لأسباب عديدة رفضوا الاستقالة من المجلس، وأنا أتهم قوى سياسية لبنانية بأنّها عملت على إسقاط الدولة ووضعها على حافة حرب أهلية، وفي موضوع الحكومة، من أسقط الحكومة ليسوا هؤلاء، أسقطها مجموعة ظروف وعوامل وصعوبات، بحقيقة الأمر انفجار بهذا الحجم أي حكومة كان صعبًا أن تصمد، ذهبت إلى الاستقالة، واللبنانيون اليوم عندما نتحدث عن حكومة جديدة، لا تعطوا آذانكم لكل الموتورين الذين ينتظرون ساعات الانتقام ويسعون لتصفية حسابات سياسية، أي حراك سياسي يجب أن يكون له سقف وهو منع سقوط الدولة، وهو منع حصول حرب أهلية، ومن لا يلتزم بهذا السقف ويهدمه إتهموه، ويجب أن نتحرك تحت سقف أن يبقى للبنان دولة، ما يبنى من أحقاد يجعل مستقبل لبنان مظلمًا وخطرًا ويفتح الباب لكل من يريدون تحطيم البلد، وبالنسبة للحكومة المستقيلة باسم حزب الله أتوجه بالشكر لـ“حسان دياب” الذي تحمل المسؤولية ولكل الوزراء وأنوّه بشجاعتهم رغم كل الظروف، ونأمل من دياب والوزراء إلى أن يتمّ تشكيل حكومة جديدة أن يتحملوا مسؤولية تصريف الأعمال وهم كذلك، وبالنسبة للحكومة الجديدة يوجد نقاش بين الكتل حول الأسماء المرشحة، وكل قوة سياسية تعبّر عن رأيها، ونحن نطالب بحكومة قوية وقادرة ومحمية سياسيًا، تقليديًا موقفنا بالدعوة إلى حكومة وحدة وطنية أو ذات أوسع تمثيل حزبي، واليوم أيًا يكن الرئيس الذي سيكلّف نحن نطالبه بالسعي لتشكيل حكومة وحدة وطنية وإذا تعذر ذلك، حكومة تضمن أوسع تمثيل سياسي.

وشدّد السيد نصر الله: “علينا أن نستفيد من التجارب السابقة، فالحديث عن حكومة حيادية هو تضييع للوقت، ففي لبنان لا يوجد حياد، والجميع لهم أهواء سياسية، بالنسبة لنا لا نؤمن بوجود حياديين في لبنان حتى تُشكّل منهم حكومة حيادية، والحكومة الحيادية هي خداع لتجاوز التمثيل السياسي، وعلينا أن نذهب إلى حكومة فاعلة وجدية، والهروب من المسؤولية غير مقبول، من يريد التهرب من المسؤولية عليه أن يخرج من الحياة السياسية، أما المصرّون على البقاء في الحياة السياسية ولا يريدون المشاركة في إصلاح ما شاركوا في تخريبه لا أعرف ما يمكن تسميته، ومنذ الأشهر الماضية خاطبنا الناس وطلبنا منهم الصبر والبصيرة، أريد أن أشكر صبركم وبصيرتكم وأقدّر الغضب الكبير في جمهورنا وطلبت من الإخوة لضبط هذه الساحة، يجب أن لا نكون وقودًا لهؤلاء، ما تهدئوا أعصابكم بل حافظوا على قهركم، قد نحتاج هذا الغضب في يوم من الأيام، قد نحتاج له لننهي كل محاولات جرّ لبنان إلى حرب أهلية.

وأعلن السيد نصر الله أنه “في 18 آب تاريخ صدور أحكام المحكمة الدولية، وبالنسبة لنا قرار المحكمة لا يعنينا، وإذا حُكم على أي من إخواننا بحكم ظالم نحن متمسكون ببرائتهم وإنهم إخواننا وأفرادنا وهذا موقفنا، القرار الذي سيصدر بالنسبة لنا لم يصدر، ليس المهم أن يصدر القرار ومضمونه، المهم أن ننتبه كلبنانيين أن من سيحاول لاستغلال هذا القرار لاستهداف المقاومة ويجب أن نمنع ذلك بالصبر وهناك من قد يدفع الأمور باتجاه الاستفزاز، أوصي جمهورنا بالصبر والبصيرة والتحمل لنعبر هذه المحن”.

22

إقرأ المزيد 

السيد نصرالله: نحن أمام فاجعة كبرى بالمعنى الإنساني والوطني وبكل المعايير

السيد حسن نصرالله مرتدياً الكمامة: سننتصر في الحرب على فيروس كورونا

السيد نصرالله: الروح التي انتصرت على العدو ما زالت موجودة