جاء ذلك خلال لقاء موسع نظّمته حماس في بيروت، بحضور الأسير المحرر المناضل جورج عبدالله ووفد أوروبي كبير، بمناسبة الذكرى الثانية لطوفان الأقصى وإنجاز اتفاق وقف الحرب على غزة.
أهمية الخبر:
تكتسب هذه الكلمة أهمية استثنائية كونها تعبّر عن الموقف الرسمي لحركة حماس بعد التوصل إلى اتفاق وقف الحرب على غزة، وتكشف في الوقت نفسه عن رؤية المقاومة الفلسطينية لمستقبل الصراع مع الاحتلال الصهيوني، خصوصًا في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية التي فرضتها معركة طوفان الأقصى. كما تبرز الرسائل الموجهة إلى العالم بضرورة استمرار الدعم الشعبي والإعلامي والسياسي للمقاومة الفلسطينية في معركتها الممتدة سياسيًا واقتصاديًا بعد توقف العمليات العسكرية.
الصورة العامة:
أقيم اللقاء في قاعة كلية الدعوة الإسلامية خلف السفارة الكويتية في بيروت، وسط حضور ومشاركة الوفد الأممي المتضامن مع المناضل المحرر جورج عبدالله وقضية الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني. وبرزت في القاعة مشاعر الاعتزاز بصمود المقاومة الفلسطينية وصبر أهل غزة رغم الحرب المدمّرة، فيما عُرضت صور تعبّر عن وحدة المقاومة ومشهد الانتصار في وجه الاحتلال وقد وثق مراسل وكالة ايران برس للأنباء هذا اللقاء.
ماذا يقول:
أوضح ممثل حركة حماس في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي، في كلمته خلال اللقاء، أن معركة طوفان الأقصى شكّلت تحولًا استراتيجيًا غير مسبوق في مسار الصراع مع العدو الصهيوني، إذ زلزلت أركان كيانه، وقوّضت أحد أهم ركائزه التي كان يستند إليها منذ تأسيسه، وهي الأمن والردع.
وأكد أن معظم الصهاينة بعد هذه المعركة لم يعودوا يشعرون بالأمان داخل كيانهم، ما يعكس حجم الهزة العميقة التي أصابت المجتمع الصهيوني من الداخل.
وأضاف عبد الهادي أن ما تحقق في طوفان الأقصى لم يكن مجرد إنجاز عسكري، بل شكّل أيضًا انتصارًا على المستوى المعنوي والسياسي والإعلامي، إذ تغيّر الرأي العام العالمي بشكل واضح، وأصبح الاحتلال في موقع الدفاع عن شرعية وجوده، بعد أن باتت صور الإبادة والتدمير في غزة تشكّل إدانة مباشرة له أمام العالم.
وأوضح أن السؤال حول إمكانية تحرير فلسطين لم يعد نظريًا أو بعيد المنال، بل أصبح مطروحًا بجدّية وبمنطق واقعي، مؤكدًا أن الإنجازات الاستراتيجية التي تحققت تجعل هذا الهدف أقرب إلى التحقق.
وشدد على أن المقاومة الفلسطينية اليوم باتت أكثر ثقة بقدرتها على المضي نحو تحرير مزيد من الأراضي، سواء عبر مواجهات جديدة أو من خلال تثبيت معادلات الردع التي فرضتها في الميدان.
وفي سياق حديثه عن اتفاق وقف الحرب على غزة، أشار عبد الهادي إلى أن هذا الاتفاق جاء بناءً على تقدير استراتيجي موحد من فصائل المقاومة، وبهدف حماية الأسرى الفلسطينيين، مؤكدًا أن القرار لم يكن تراجعًا، بل خطوة تكتيكية تهدف إلى تثبيت ما تحقق من إنجازات ميدانية، ومنع الاحتلال من تحقيق أي مكاسب إضافية في ظل الضغط الأمريكي المتزايد عليه.
كما دعا ممثل حماس إلى ضرورة استمرار الدعم الجماهيري والإعلامي والسياسي للمقاومة الفلسطينية، ولا سيما في المرحلة الراهنة التي تشهد محاولات للالتفاف على الاتفاق.
وأوضح أن هذا الدعم يشكّل عنصر ضغط أساسي على العدو لإلزامه بتنفيذ التزاماته، مشددًا على أهمية الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في غزة عبر المساعدات المالية والمادية والعينية، في ظل الظروف الإنسانية الصعبة.
وفي ختام كلمته، شدّد عبد الهادي على أهمية تفعيل الجهود القانونية لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة في المحاكم الدولية، داعيًا إلى تعزيز المقاطعة الاقتصادية وسحب الاستثمارات من الكيان، وإلى تكريس السردية الفلسطينية في الإعلام الغربي عبر التواصل مع الرأي العام والمجتمعات الحرة في العالم.
كما أكّد أن المعركة لم تنتهِ فعليًا، بل انتقلت إلى ساحات أخرى سياسية ودبلوماسية واقتصادية، داعيًا إلى تضافر الجهود الشعبية والرسمية في مواجهة العدوان الصهيوني ودعم خيار المقاومة حتى تحقيق التحرير الكامل.
النقاط الرئيسية:
تحوّل استراتيجي: طوفان الأقصى أنهى أسطورة “الأمن الصهيوني”.
تحرير واقعي: بات تحرير فلسطين هدفًا ملموسًا في ضوء الإنجازات الميدانية والسياسية.
اتفاق غزة: قرار وقف الحرب جاء لحماية الأسرى بعد تقييم استراتيجي دقيق.
ضغط دولي: واشنطن مارست ضغوطًا لوقف الحرب حفاظًا على مصالحها.
دعم مطلوب: المقاومة بحاجة لاستمرار الدعم الشعبي والإعلامي والسياسي.
ملاحقة قضائية: دعوة لتكثيف الدعاوى ضد مجرمي الحرب الصهاينة في المحاكم الدولية.
سردية المقاومة: ضرورة تكريس الرواية الفلسطينية عالميًا عبر الإعلام والمجتمع المدني.
نظرة أعمق:
تعكس كلمة الدكتور أحمد عبد الهادي قراءة واقعية للمرحلة الجديدة بعد طوفان الأقصى، حيث تتحول المقاومة من المواجهة العسكرية إلى معركة سياسية وإعلامية واقتصادية، تستند إلى ما تحقق ميدانيًا من إنجازات. وتبرز أهمية هذا الموقف في ظل سعي الاحتلال لإعادة تلميع صورته أمام العالم، فيما تراهن المقاومة على وعي الشعوب الحرة ودعمها المستمر.
كما تشير الكلمة إلى تماسك الموقف الفلسطيني الموحد، وإلى أن ما بعد طوفان الأقصى لن يكون كما قبله، إذ بات العدو محاصرًا سياسيًا ومعنويًا، فيما تسعى المقاومة لتثبيت حقها في الدفاع عن أرضها وبناء استراتيجية تحرير واقعية مدعومة بتضامن عالمي متزايد.
manouchehr mahdavi