تغطي وسائل الإعلام السعودية هذه الأيام في جميع نشراتها في إطار أخبار وتقارير ومقابلات خاصة، الانتخابات الرئاسية الأمريكية والمنافسة المحتدمة بين المرشحين الجمهوري والديموقراطي الرئيس دونالد ترامب وجو بايدن.

إيران برس - إيران: وبالنظر إلى المواد والمحتوى الإخباري وعناصر الدعاية لهذا الإعلام بما في ذلك الصحف والقنوات الفضائية، نخلص إلى نتيجة مفادها أنّ الهواجس المخيمة على هذا الإعلام دليل واضح على مخاوف تعيشها السعودية حيال التطورات الانتخابية التي تمرّ بها أمريكا.

تشعر السعودية هذه الأيام وبعبارة أدق ولي عهدها “محمد بن سلمان”، بقلق عميق وبل برعب شديد من إمكانية فوز المرشح الديمقراطي “جو بايدن” في الانتخابات الرئاسية الأمريكية والسبب في ذلك يرجع إلى مواقف بايدن من منطقة الشرق الأوسط خاصةً السعودية واحتمالية انتهاء دعم ترامب للسعودية وبقاء ولي عهدها وحيداً أمام تحديات تواجهها المنطقة وتعرّض العرش الملكي الذي يتطلع إليه، للخطر.

المواقف الإعلامية لـ’’جو بايدن‘‘ حول السعودية لحد الآن جعلتها تشعر برعب وقلق شديدين، إذ إنّ اللجنة الانتخابية لبايدن أعلنت في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر الجاري أنّ حكومة بايدن المقبلة ستعيد النظر في العلاقات الأمريكية مع السعودية وبيع الأسلحة لها وستضع حدًا للدعم الأمريكي للسعودية في حربها على اليمن، وعلى هذا فإنها ستعمل مع السعودية باعتبارها دولة معزولة.

وفي الحقيقة يعود سبب مواجهة بايدن السعودية لموقفه في مجال حقوق الإنسان الذي يمثّل أحد الشواغل والهواجس والتحديات الرئيسية لولي العهد الشاب الذي له سجل أسود في هذا المجال حيث يشمل القتل الشنيع والوحشي للصحافي السعودي “جمال خاشقجي” واعتقال نشطاء إعلاميين وسياسيين وسجنهم وانتهاك حقوق المرأة وعقد محاكمات جائرة لنشطاء حقوقيين وشخصيات مؤثرة.

وفي المقلب الآخر، فإنّ جو بايدن شدّد خلال وعوده الانتخابية على قضية حقوق الإنسان، معلناً أنه يجب محاسبة السعودية في هذا المجال، مؤكدًا أنّه على الرياض أن تدفع ثمن جريمتها النكراء في قتل الصحافي ،جمال خاشقجي، جريمة غضّ ترامب عينيه عنها وأعلن بصفاقة أنه أنقذ محمد بن سلمان من هذه الورطة مستخدمًا فيه (أي بن سلمان) عبارة مهينة، وهنا يجب الإشارة إلى أنه ليس بن سلمان أو أي شخص آخر موضع اهتمام لترامب بقدر ما يهمّه حلب السعودية.

كما أنّ إيران وإمكانية عودة أمريكا إلى الاتفاق النووي هي إحدى القضايا التي تشكّل مصدر قلق للسعودية، اتفاق أعلن جو بايدن أنه سيعود إليه في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية، ما أثار مزيدًا من مخاوف السعودية.

ولهذه الأسباب الآنفة الذكر، فإنّ وسائل الإعلام السعودية وعلى رأسها قناة ’’العربية‘‘ تبذل هذه الأيام قصارى جهدها لتسليط الضوء على عدة محاور قائمة على تضخيم سياسات ومواقف ترامب حيال الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط والتقليل من شأن بايدن ومواقفه وشعاراته حول التطورات الدولية وقضايا سلبية في حياته السياسية وحياة أعضاء أسرته وكذلك تضخيم ادعاءات ضد محور المقاومة وفي مقدمتها إيران.

لا شك أنّ الجمهور المستهدف لهذا الإعلام هم الجالية العربية والمسلمة في أمريكا حيث يحاول هذا الإعلام من خلال تبييض سجل ترامب في منطقة الشرق الأوسط دفع هذه الجالية نحو صناديق الاقتراع لمصلحة ترامب، خاصةً أنّ كثيرًا من أفرادها مستاءة من سياسات ترامب حيال منطقة الشرق الأوسط ولا سيما قضية فلسطين المحتلة والقدس الشريف، وتميل إلى ’’جو بايدن‘‘ وسياساته حيال حل الدولتين وإجراء مفاوضات بين الصهاينة والفلسطينيين. وانطلاقًا من هذا، فإنّ وسائل الإعلام السعودية تحاول تجميل وجه الكيان الصهيوني وشيطنة وجه إيران وترويجها كمصدر تهديد لشعوب المنطقة والقضية الفلسطينية.

د. جلال جراغي، الباحث في الشؤون السياسية والإعلامية

22

إقرأ المزيد 

حماس: السعودية تحاكم أعضاء حماس باتهام دعم المقاومة