بقلم حميد حلمي زادة (*)

یخوض الشعب الایرانی یوم غد الجمعة 1/ آذار /2024 غمار الدورة الثانية عشرة لانتخابات مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) والدورة السادسة لانتخابات مجلس خبراء القيادة في واحدة من أقوى المنافسات الديموقراطية بتاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

إيران برس - إيران: ويؤكد المراقبون أن هذا الحدث الشعبي يعد تتويجا لمسيرة دامت 45 عاما من عمر الثورة والدولة في إيران ومؤشرا للتغيرات المدهشة التي حفلت بها الجمهورية الإسلامية بعد أن فرضت طهران مكانتها الاستراتيجية المتميزة في المنطقة والعالم.

وبالجملة فإن ما حققته إيران خلال مسيرتها الجبارة يمثل الترجمان الحقيقي لماهية النظام الإسلامي المستمد شرعيته من سيادة الشعب الدينية، والمسددة برعاية قائد الثورة الإسلامية المعظم الذي هو صمام أمان كل التحولات الجارية ويتنافس 15 ألف مرشح للوصول إلى 290 مقعدا في البرلمان و144 مرشحا لإحراز ۸۸ مقعدا في مجلس خبراء القيادة.

ومن المتوقع ان يتميز السباق الانتخابي بذروة النشاط والحيوية هذه المرة سيما وان 73 من المرشحين قد تم تأييدهم من قبل مجلس صيانة الدستور فيما سينضاف 3 ملايين و500 ألف مواطن الى عدد الناخبين وهؤلاء سيخوضون هذه التجربة لأول مرة. اللافت في المرشحين ان 1100 شخص منهم من أساتذة الجامعات و200 من الأطباء و400 من القضاة و370 شخصا منهم هم نواب سابقون، على حين ان هنالك 100 حزب يمتلكون شروط اعداد قوائم للتحالفات والافراد.

وفي البرلمان سيكون معدل التنافس 51 فردا لكل مقعد في حين ان الرقم في المانيا يبلغ 4 افراد وفي إنجلترا 6 افراد وفي اليابان 5 افراد وفي كندا 4 افراد .ولذلك من الواضح ان التنافس سوف يكون على اشده وستحتاج الانتخابات الى رؤية تفحصية دقيقة لاختيار المرشح الأوحد لكل مقعد في مجلس الشوري الإسلامي في ضوء هذا العدد الكبير.

من هنا يرى خبراء الشؤون الدولية ان هذه الانتخابات ستكون أقوى تحديا من الدورات السابقة خاصة وان الجمهورية الإسلامية شهدت خلال الـ 45 عاما الماضية 39 انتخابات، كان ثلاثة منها على شكل استفتاء و11 دورة لرئاسة الجمهورية و5 لمجلس الخبراء (القيادة) و6 دورات للانتخابات البلدية ومجالس المحافظات و11 دورة للبرلمان، وانه ومع إجراء الانتخابات بعد غد سيصبح المجموع 41 عملية انتخابية خلال 45 عاما.

وعلى عكس التجارب الديموقراطية في البلدان الأخرى تستمد إيران قوتها من الشعب الذي يحدد مستقبلها السياسي والاستراتيجي ويقرر مصيره بنفسه دون املاءات او تمويه او ضحك على الذقون، فالشعب مسؤول حتى على مستوى تعيين مستقبله الديني عبر انتخاب القائد (الولي الفقيه) الذي يمثل قطب الرحى في ترسيم سياسات البلاد الثورية والسياسية والعسكرية والثقافية والاجتماعية.

وفي مقابل هذا فإن إيران تواجه حملة استكبارية شعواء علنية او مخفية على مستوى الفضاء الافتراضي والحرب الاعلامية والنفسية لتثبيط المواطنين فيها عن المشاركة الحاشدة لممارسة دورهم الديني والدستوري والأخلاقي عبر هذه الانتخابات، وذلك من خلال تلغيم الاجواء وبث الاشاعات وأساليب التشهير الشيطانية للحيلولة دون ان تحقق هذه الانتخابات نتائجها المصيرية المرجوة.

أما بالنسبة للتنافس فيمكن القول وبعد مرور عشرات السنين أنه يشهد نضجا ووضوحا وقد منحته التجارب والخبرات الماضية حيوية لا نظير لها حتى في مضمار كبح جماح الحرب الكونية الباردة الموجهة دون توقف ضد الجمهورية الإسلامية بهدف إجبارها على الخضوع والاستسلام.

ويدخل في ذلك العديد من الاعتبارات التي عززت الخطوات التكاملية في ايران أهمها التفاف الشعب حول قيادته الرشيدة وايمان الجماهير بأحقية مطالبها و تطلعاتها المشروعة للتقدم والرقي وصيانة مكاسب الثورة والجمهورية والتي تعمدت بالكثير من التضحيات والجهود والمثابرة طيلة العقود الماضية، إلى جانب تمسك المواطنين بمبدأ سيادة الشعب الدينية الذي هو الضمانة الحقيقية لحراسة منجزات إيران عبر تكامل الشعب مع قيادته الربانية.

لقد محصت الجمهورية الإسلامية مسيرتها الثورية فلم تعد المسؤوليات والمناصب حكرا على أحد لأن الشعب وصل الى اعلى مستويات الوعي واليقظة لفرز الافراد المؤهلين وغير المؤهلين.

كما أن حجب بعض المرشحين من التنافس بواسطة مجلس صيانة الدستور لعدم اهليتهم، لم يمنع هؤلاء عن الدعوة الى مشاركة الجماهير في الانتخابات والحض على الحضور فيها، الامر الذي يدل على نضوج الرؤى السياسية لدى أصحاب الرأي والرأي الآخر مما يوصد الباب بوجه محاولات التصيد في الماء العكر ويقوض مآرب استغلال الاختلافات في وجهات النظر بين أطراف الاجنحة السياسية حفاظا على الوحدة الوطنية وهيبة النظام الاسلامي العظيم.

في الختام فان صيانة آراء وأصوات المواطنين هي واحدة من أهم أركان مبادئ واولويات الاستقلال السياسي.

فعبر 45 عاما كان ثمة افراد يضطلعون بالسلطة والتأثير على أرفع المستويات لكنهم أصيبوا بالغرور والتراخي والنكوص فعزلتهم صناديق الاقتراع وحسم الشعب رأيه بشأنهم فرسبوا في الامتحان، حيث اختار المواطنون عن علم ودراية الالتفاف حول نهج قائد الثورة الإسلامية آية الله خامنئي الذي لم يدخر وسعا في قيادة المسيرة المتضافرة ببصيرة ثاقبة بعيدا عن أي تردد او تراجع أو وجل، فهو ما زال يواصل نهج مؤسس الجمهورية الإسلامية الراحل الإمام الخميني (قدس سره) عن وعي وجدارة وحكمة منقطعة النظير.

(*) المسؤول الاعلامي للقنصلية الايرانية في النجف الاشرف

33

اقرأ المزيد

سماحة قائد الثورة: الانتخابات القوية والحماسية إحدى ركائز الإدارة السليمة للبلاد

رئيس لجنة الانتخابات: أكثر من 61 مليون إيرانی يحق لهم التصويت في الانتخابات البرلمانية