جوهرشاد؛ السيدة التي بنت التاريخ

في قلب مدينة مشهد المقدسة، وعلى مقربةٍ من الحرم الرضوي الشريف، يتجلّى مسجد جوهرشاد كتحفةٍ معماريةٍ خالدة، أمرت ببنائه امرأةٌ استثنائية في زمنٍ كانت فيه النساء بعيدات عن دائرة القرار. جوهرشاد بيغم، زوجة السلطان شاهرخ التيموري، لم تكتفِ ببناء مسجدٍ فخم، بل أوقفته للأجيال، وزرعت فيه روح الفن الإسلامي، لتبقى ذكراها حيّةً في وجدان الزمان والمكان.

إيران برس - إيران:

بُني المسجد بأمر من السيدة جوهرشاد بيغم عام 812 هـ، ويُعد من أبرز مظاهر الفن التيموري، حيث صممه المعماري قوام الدين الشيرازي بأسلوب فريد يجمع بين العظمة والجمال، دون أن يطغى على قدسية الحرم.

هندسة معمارية لا مثيل لها

يتكون المسجد من أربعة أروقة، ويتميز باتصال الإيوان الجنوبي بالقبة، وهي سمة معمارية نادرة فرضتها ضيق المساحة. الزخارف الداخلية، من الفسيفساء والبلاط المعقلي والخطوط البديعة، تزين القبة والإيوانات، فيما لا تزال نقوش بايسنقر ميرزا واسم جوهرشاد خاتون حاضرة على جدرانه.

تحديات التصميم بجوار الحرم

واجه المعماري تحديًا كبيرًا في تصميم المسجد بحيث لا يُخفي الحرم الشريف، فاختار أن يدمج البناء خارجيًا مع الحرم، بينما حافظ داخليًا على فخامة التصميم وروعة الزخارف.

الوقف الخالد

بعد ثماني سنوات من بناء المسجد، أعدّت جوهرشاد خاتون سند وقف مفصل، خصصت فيه ممتلكات كثيرة لضمان استمرارية المسجد وصيانته عبر العصور، مما جعله من أكثر آثار العصر التيموري تماسكًا واستدامة.

مسجد هرات وقبر السيدة

لم تكتفِ جوهرشاد ببناء مسجد مشهد، بل أنشأت مسجدًا آخر في هرات، يتميز بمساحته الواسعة وهندسته، وإن كان أقل حيوية من مسجد مشهد. ورغم حبها الكبير لمشهد، دُفنت جوهرشاد في هرات بعد أن وقعت ضحية للمؤامرات السياسية في سن 88 عامًا.

إرثٌ خالد

اليوم، لم يعد مسجد جوهرشاد مجرد مكان للعبادة، بل أصبح رمزًا للارتباط بين الفن والإيمان والثقافة الإسلامية. تظل روعة عمارته تذكيرًا بعبقرية المعماريين التيموريين، وبالروح السامية لمؤسِسته التي بقيت في هرات، لكن اسمها وذكراها خالدان بجوار الحرم الرضوي الشريف.

 

 

 

kobra aghaei