أهمية الخبر:
تبرز أهمية هذه الندوة في كونها توثّق مواقف وتحليلات نخبة من الخبراء السياسيين والأكاديميين والديبلوماسيين، عقب أخطر مواجهة مباشرة بين إيران والكيان الإسرائيلي، ما يعطي قراءات معمّقة حول طبيعة الردع الإيراني وتداعياته الاستراتيجية على محور المقاومة والمنطقة بأكملها.
الصورة العامة:
في أجواء فكرية تحليليّة، استضاف المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق عددًا من الشخصيات السياسية والإعلامية والميدانية، لمقاربة المشهد بعد فشل العدوان الإسرائيلي في تحقيق أهدافه. وقد أجمع المتحدثون على أن إيران تمكّنت من امتصاص الضربة، والرد عليها بطريقة أحدثت تحولاً نفسياً واستراتيجياً في وعي العدو ومجتمعه.
ما يقولون؟
أكد الخبير في شؤؤن شرق آسيا الأستاذ حسين باك أن مفهوم الردع الفعّال والحيوي في مواجهة العدو الصهيوني ما زال قابلاً للتطبيق، مشيرًا إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أثبتت من خلال تصديها المنفرد للعدوان، أن معادلة الرد لم تتآكل كما ظن البعض، بل بقيت قائمة وفاعلة. ولفت إلى أن هذا الردع يستند إلى ثلاثة عوامل أساسية، أولها القدرة على إدارة المشهد، وثانيها التحمل الشعبي والرسمي للأزمات، وثالثها التوجه نحو حلّ الأزمات عبر إدارة عقلانية مدروسة.
أما المحلل السياسي الدكتور حبيب فياض، فرأى أن العدوان الإسرائيلي جاء نتيجة سلسلة مترابطة من التحولات الإقليمية، أبرزها زوال النظام في سوريا، وتراجع المقاومة في لبنان، والتغيرات في العراق. وأوضح أن هذا العدوان يجب فهمه ضمن إطار حرب مستمرة، تسعى فيها "إسرائيل" إلى تغيير التوازنات الإقليمية لصالحها.
في السياق ذاته، شدد وزير الخارجية اللبناني الأسبق عدنان منصور على أن المواجهة مع إيران ليست جديدة، بل تعود إلى لحظة انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، عندما وصفها هنري كيسنجر بأنها "أكبر زلزال سياسي في القرن العشرين بعد الثورة الشيوعية". وأضاف أن الجمهورية الإسلامية باتت اليوم قلعة جيوسياسية متماسكة، ليس فقط بفعل قوتها الذاتية، بل أيضًا بفضل التزامها بالقضايا التحررية، وعلى رأسها قضية فلسطين.
بدوره، أكد عضو المجلس السياسي في حزب الله الحاج غالب أبو زينب، في مقابلة خاصة مع وكالة إيران برس الدولية، أن إيران استطاعت أن تلحق بالعدو هزيمة موصوفة، مبيّنًا أن الرد الإيراني تجاوز البعد العسكري، ليؤسس لمعادلة جديدة في المواجهة الإقليمية. واعتبر أن امتلاك إيران لزمام المبادرة سينعكس إيجابًا على أداء محور المقاومة برمّته، من فلسطين إلى لبنان والعراق.
كذلك، أوضح رئيس حملة ’’مقاطعة داعمي إسرائيل‘‘ في لبنان الدكتور عبد الملك سكرية، في مقابلة حصرية أجراها مراسل وكالة إيران برس الدولية للأنباء في لبنان، أن العدوان الإسرائيلي على إيران لم يكن سوى محاولة فاشلة لضرب موقع الجمهورية الإسلامية ومكانتها في الإقليم. واعتبر أن المواجهة أصبحت حرب وجود، تستدعي تفعيل كافة أشكال المقاومة، سواء عبر السلاح أو الإعلام أو المقاطعة الاقتصادية. ولفت إلى أن الضربات الصاروخية الإيرانية التي استهدفت العمق الإسرائيلي، لا سيما في تل أبيب وحيفا وبئر السبع، قد خلّفت أثرًا نفسيًا عميقًا لدى المستوطنين، ما قد يدفع شرائح واسعة منهم، خصوصًا من النخب، إلى التفكير في الهجرة.
النقاط الرئيسية:
إيران أثبتت فاعلية الردع رغم الحصار والضغوط.
قدرة طهران على إدارة الأزمات ساهمت في تقليل الخسائر الداخلية.
العدوان الإسرائيلي جاء ضمن خطة أوسع لإضعاف محور المقاومة.
الرد الإيراني شكّل صدمة استراتيجية داخل المجتمع الإسرائيلي.
ضرورة دعم المقاومة بمستوياتها كافة: عسكرية، إعلامية، اقتصادية.
أهمية سلاح المقاطعة في ضرب الاستثمارات الأجنبية في كيان العدو.
ثبات إيران في المواجهة يعزز مكانتها كقوة مركزية في محور المقاومة.
نظرة أعمق:
إن قراءة مخرجات هذه الندوة تُظهر أن العدوان على إيران لم يكن مجرّد ضربة عابرة، بل لحظة فاصلة في معادلة الردع الإقليمي. فقد استطاعت طهران أن تحوّل الضغوط إلى فرصة، وتفرض واقعًا جديدًا يقوم على المبادرة والجهوزية والتكامل بين أدوات المواجهة، من الصاروخ إلى الكلمة، ومن التعبئة الشعبية إلى العزل الاقتصادي. وبذلك، فإن الردع الإيراني لم يعُد فقط خيارًا دفاعيًا، بل بات مشروعًا استباقيًا لصناعة التوازن في المنطقة وإرباك منظومة الهيمنة الغربية – الصهيونية.
manouchehr mahdavi