إيران برس - الشرق الأوسط: لقد أظهرت بطولات الشعب الفلسطيني وتضحياته العظيمة في غزة أن امكانية تحقيق النصر على إسرائيل غدت متاحة مائة في المئة بعد عقود من التخاذل والانهزام والتطبيع التي سادت المنطقة نتيجة لانحسار عنصري المقاومة والتصدي بوجه التحالف الصهيوني الغربي، وهو ما الحق خسائر مادية وروحية هائلة بالأمة ومكانتها وهيبتها في المسرح الدولي. لكن الأكثر أهمية هو أن الفضيحة التي منيت بها إسرائيل المتغطرسة طوال تاريخها على خلفية هزيمتها امام المقاومين الفلسطينيين الابطال وهم على ما هم عليه من قلة في العدد والعدة خلال معركة طوفان الاقصى أعطت شعورا عارما لدى أبناء الأمة العربية والإسلامية بأنهم باتوا أقرب بكثير من تحقيق الفتح المبين شريطة التضامن والتكاتف على مبدأ مكافحة الصهيونية الغاشمة وتحطيم جدار الخوف المصطنع من هذه الغدة السرطانية التي أوهمت العالم أجمع بأنها صاحبة السطوة واليد الطولى في منطقة الشرق الاوسط والعالم الإسلامي. في حين أن المقاومة البطلة في غزة ولبنان وأنصارها زلزلت قواعد اسرائيل الهشة وجعلتها تلعن اليوم الذي تورطت فيه عبر مناجزة هؤلاء المجاهدين المؤمنين.
ومن الواضح أن هذا التحول الجهادي العظيم انما يستند إلى مدى تنامي شعور الأمة الإسلامية بالمسؤولية الملقاة على عاتقها وصولا إلى صيانة مقدراتها ومصالحها ومبادئها اعتمادا على البذل والتضحية والزحف بدلا من النكوص والانصياع والتراجع، وهي المفردات التي جرّت الويلات والهزائم عليها طيلة حوالي ١٠٠ عام من تاريخ الصراع مع الاستكبار الصهيوغربي.
واليوم المسلمون بحاجة إلى إدراك واقعهم الضعيف إدراكا عميقا يدفعهم إلى تغيير ظروفهم المجمدة والمحنطة بتأثير السياسات الرسمية الخانعة. إنهم مدعوون إلى تجاوز حالتهم المعيبة جدا من خلال إرادة مشتركة دون الرضوخ لضغوط القوى الكبرى ودون البقاء فريسة للشكوك والريب أو الاستقواء بأمريكا وحليفاتها أو الارتماء في حضن الكيان الصهيوني الغاصب.
وامام هذا الواقع لطالما أهاب صاحب ذكرى يوم القدس العالمي الإمام الخميني بالأمة الإسلامية إلى اتخاذ وقفة شجاعة وجريئة لكسر القيود وازاحة العقبات التي تعطل إراداتهم وتستخف بعقولهم وتستقوي بالأجنبي الذي يعيث فسادا في بلدانهم ويذيقهم الهوان ويضرب بعضهم بالبعض الاخر، فالإمام الخميني كان يعتبر زرع اسرائيل في المنطقة واستمرار كيانها المجرم في عدوانه واحتلاله الاراضي الإسلامية إساءة واضحة وإذلالا مهينا للمسلمين والفلسطينيين والدول العربية كافة (قائلا) بأن الحل الوحيد لمواجهة هذه الحالة المؤلمة هو تلاحم الأمة الإسلامية وتضافرها، وازاء ذلك نراه قد بادر وفي سبيل تحقيق هذه الهدف الى تسمية الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك بـ‘‘يوم القدس العالمي’’ في رمضان عام 1979 أي في نفس العام الذي انتصرت فيه الثورة الاسلامية المباركة في إيران.
لقد برهنت وقائع معركة طوفان الاقصى بين المقاومة الفلسطينية الباسلة والعدو الصهيوني أن ‘‘إسرائيل’’ نمر من ورق وهي لا تمثل شيئا في المعايير العسكرية والاستراتيجية، وقد رأينا كيف هرع الأمريكيون والأوروبيون وحلفاؤهم إلى نجدة الجيش الاسرائيلي المترنح تحت ضربات المقاومة المؤمنة وهو ما يعني بوضوح ان الأمة الإسلامية ستكون يوما ما في مواجهه المصالح الاستكبارية الكبرى في العالم الامر الذي يتطلب تعبئة جماهيرية شاملة عربية إسلامية يمكن للقوى التحررية الانضمام اليها لتتشكل بذلك قوة عالمية لا تخشى الهيمنة والظلم والاستبداد .
ولا شك في ان تنبؤات سماحة قائد الثورة الاسلامية السيد علي خامنئي لدى استقباله قيادتي حركتي حماس والجهاد الاسلامي في طهران بُعيد الهدنة ووقف إطلاق النار بأن (النصر في غزه وفلسطين آت وقادم لا محالة)، هي تنبؤات منطقية حقيقية اثبتتها انتصارات المقاومين الفلسطينيين المدعومة بقوى الخير والعدل والانصاف في هذه المنطقة الحيوية من العالم.
وبما أن مراسم يوم القدس العالمي تعتمد على رصيدها المصيري وهو الشعوب والأحرار والشرفاء في انحاء الارض، فانه يصدق القول ان الظروف أصبحت مواتية الآن أكثر من أي وقت مضى لإنزال أهداف هذا اليوم العالمي إلى أرض الواقع لأن المجتمع الدولي والرأي العام العالمي يقف الآن كليا إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه في تحرير أرضه وإقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف.
بقلم حميد حلمي زاده
المسؤول الاعلامي للقنصلية الايرانية في النجف الاشرف
33
اقرأ المزيد
مسؤول يمني: يوم القدس العالمي حدث كبير ومدوي وعالمي
الأمين العام لحزب الله يدعو لأوسع مشاركة في إحياء يوم القدس العالمي