أصدر الأمين العام لحزب الله في لبنان، السيد حسن نصرالله ، رسالة بمناسبة ذكرى مرور اربعين يوما على وفاة حجة الإسلام والمسلمين السيد علي أكبر محتشمي بور.

ايران برس- الشرق الأوسط: وجاء في هذه الرسالة: تعود معرفتي الشخصية بسماحة السيد المحتشمي رحمه الله تعالى إلى عام ۱۹۸۲ م، حينما اجتاح جيش العدو الصهيوني جنوب لبنان واحتل مناطق واسعة من الأراضي اللبنانية بما فيها مدينة بيروت عاصمة الدولة اللبنانية. كان سماحة السيد المحتشمي (ره) وقتها سفيرا للجمهورية الإسلامية الإيرانية في دمشق.

في تلك الأيام الصعبة والقاسية، تخلى العالم كله عن لبنان، وترك شعب لبنان لمصيره، ودخل لبنان في ذلك الوقت ما سمي بالعصر الإسرائيلي، يعني أن قرار لبنان السياسي ودولته ومصيره أصبح كل ذلك في قبضة الصهاينة.

كان الأحرار والشرفاء في لبنان يرفضون هذا الاحتلال ونتائجه السياسية والعسكرية والأمنية، ويرفضون الخضوع للمحتلين، وقرروا أن يقاتلوا ويقاموا ولو بالإمكانيات المتواضعة المتوفرة لديهم، وكانوا يحتاجون إلى المساعدة.

بطبيعة الحال توجهت الأنظار إلى الجمهورية الإسلامية وإلى سماحة الإمام الخميني قدس سره إمام الأمة وقائد المظلومين والمستضعفین في العالم، وشعر الجميع أن عليهم أن يطلبوا المساعدة والدعم والتاييد المعنوي والمادي من الجمهورية الإسلامية.

لقد كان وجود وحضور سماحة السيد المحتشمي (ره) في ذلك الوقت سفيرا لإيران في دمشق نعمة كبيرة لنا، حيث استقبل اللبنانيين من أهل المقاومة وتفاعل معهم بشكل كبير جدا وتبنی مطالبهم بالكامل وكان افضل رسول ينقل رسالتهم ونداءهم إلى سماحة الإمام الخميني قدس سره وإلى السادة المسؤولين في الجمهورية الإسلامية.

منذ تلك الساعة بدأت علاقة مميزة جدا بين سماحة السيد (ره) و عدد كبير من الشخصيات اللبنانية المقاومة من علماء دین وسياسيين وقادة جهاديين، علاقة قائمة على الثقة والمحبة والاحترام والتعاون، حيث كان سماحة السيد (ره) بالنسبة لهم جميعا أخا كبيرا وداعما ومساندا وناصحا وشريكا في الآلام وفي الأمال، وتحولت سفارة الجمهورية الإسلامية في دمشق في ذلك الوقت إلى حاضن قوي وصادق لكل المقاومين والمجاهدين.

لقد أثمرت جهود سماحة السيد (ره) مع عدد من العلماء المجاهدين في لبنان وفي مقدمهم الشهيد القائد السيد عباس الموسوي (ره) وعدد من الشخصيات السياسية والجهادية وأدت إلى تأسيس مقاومة إسلامية رائدة ومجاهدة وجدة ومتواصلة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وأنجزت إلى جانب بقية فصائل المقاومة اللبنانية تحرير العاصمة بيروت وأجزاء واسعة من لبنان وصولا إلى إنجاز التحرير الكبير في  25 ايار عام 2000 م.

طوال سنوات خدمته كسفير في دمشق، لم يتوان سماحة السيد (ره) عن تقديم أي مساندة أو دعم لحركة المقاومة في لبنان، كان حضوره قويا إلى جانبها وساهم في تثبيت وجودها وفي توحيد صفوفها وكوادرها، وكان يواكب ويتابع عملها بشكل يومي.

في تلك المرحلة وصلت قوة من حرس الثورة الإسلامية إلى سوريا ولبنان وباشرت بتقديم الدعم المقاومين اللبنانيين من تدريب ونقل تجربة ومساعدة في التخطيط وفي الإمكانات المادية، وكان التعاون الوثيق بين سماحة السيد (ره) من موقعه وما يمثل وبين قادة الحرس في لبنان، كان لهذا التعاون الوثيق والصادق والمخلص بينهما أثاره المباركة على تطور حركة المقاومة وانجازاتها وانتصاراتها.

في هذا الطريق الجهادي الصعب كاد سماحة السيد (ره) أن يفقد حياته وكان على مقربة قصيرة من الشهادة، حيث الحق الانفجار الغادر بجسده وصدره ويديه أضرار بالغة، ولكن الله تعالی سلمه ليكمل مسيرة جهاد ونضال تنتظره في بقية عمره المبارك.

بعد إتمام علاجه عاد سماحته إلى عمله في دمشق وكان أقوى عزما وإصرارا على المضي في طريق مواجهة الأعداء الذين أرادوا قتله وحذفه من ساحة المقاومة ومواجهة مشاريعهم ومؤامراتهم.

بعد عودته إلى إيران لتولي مسؤوليات كبيرة ومهمة في هذا النظام المقدس حافظ سماحة السيد (ره) على تواصله معنا في لبنان وكنا دائما حريصين على التواصل معه، وفي كل مواقع المسؤولية التي عمل فيها سماحته في ايران كان للمقاومة الإسلامية في لبنان حظ وافر وسهم كبير من اهتمامته ومتابعته ودعمه.لم ينقطع عن زيارة لبنان عندما كانت تتوفر له فرصة لذلك، كنا نلتقي في الضاحية الجنوبية لساعات ونشرح له أين أصبحت المقاومة التي ساهم في تأسيسها وكان يفرح كثيرا وتغمره السعادة لهذه الأخبار الطيبة ويعبر عن ثقته المطلقة بقدرات المقاومة وقياداتها ورجالها وجمهورها المؤمن وعن المستقبل الواعد الذي ينتظرها، مستقبل الانتصارات وتحرير الأرض المقدسة.

رحل سماحة السيد المحتشمي رضوان الله عليه عن هذه الدنيا وقد سجل تاريخا حافلا بالنضال والجهاد والصبر والتضحيات وتحمل المسؤولية والحضور في الميدان ومواجهة الأخطار والتهديدات على أنواعها، كان عقله وفكره وكان قلبه ومشاعره وكان همه وآماله مع هؤلاء المظلومين المقاومين، يحزن لحزنهم يفرح لفرحهم يمسح دموعهم ويبلسم جراحهم ويفخر بانتصاراتهم، سوف تبقى ذكرى هذا السيد العزيز والأخ الكبير والحبيب وذكرى تضحيته الجسيمة حاضرة معنا وفينا وفي مسيرتنا وفي مقاومتنا وفي أجيالنا المقاومة ولن تنسى على الإطلاق.

أسال الله تعالی لسماحته الرحمة والرضوان وعلو الدرجات وجوار النبيين والصالحين والشهداء بحق محمد وآله الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين .

كما أتوجه مجددا إلى عائلته الشريفة فردا فردا بأحر مشاعر العزاء والمواساة وأسال الله تعالی ان يمن عليهم جميعا بالسكينة والصبر والسلوان والرضا بقضاء الله تعالى وقدره وأن يثيبهم خير الأجر والثواب على تسليمهم الكامل أمام المشينة الإلهية.

المصدر: موقع جماران الاخباري

77

اقرأ المزيد

قائد الثورة يعزي بوفاة حجة الإسلام محتشمي بور

الشيخ محتشمي بور يلبّي دعوة ربه