قال قائد الثورة الإسلامية، آية الله السيد علي خامنئي، صباح اليوم الاثنين، لدى استقباله حشدا من طلاب المدارس والجامعات وجمعاً من عوائل شهداء الحرب الإسرائيلية المفروضة على البلاد والتي استمرت 12 يوماً إن ذكرى الاستيلاء على وكر التجسس الأمريكي (السفارة الأمريكية لدى طهران) بتاريخ 4 نوفمبر/ تشرين الثاني (13 آبان) 1978 بأنها "يوم الفخر والانتصار" ووصفها يوماً انكشفت فيه الهوية الحقيقية للحكومة الاستكبارية الأميركية.

إيران برس - إيران: ووصف قائد الثورة الاسلامية المعظم آية الله السيد علي خامنئي، ذكرى الاستيلاء على السفارة الأمريكية باعتبارها مركزا للتآمر والتخطيط ضد الثورة الإسلامية، بانها يوم "الشرف والنصر" ويوم "كشف الهوية الحقيقية للحكومة الأمريكية المستكبرة".

وأكد قائد الثورة الإسلامية أن يوم 13 آبان (4 نوفمبر 1979)، ذكرى الاستيلاء على السفارة الأمريكية – التي كانت مركزاً للتآمر والتخطيط ضد الثورة الإسلامية – هو يوم فخر وانتصار، ويوم انكشاف الهوية الحقيقية للحكومة الاستكبارية الأمريكية.

وشدد سماحته على ضرورة تثبيت هذا اليوم في الذاكرة الوطنية، موضحاً أن العداء الأمريكي لإيران، بدأ منذ انقلاب 19 آب/أغسطس 1953 (28 مرداد) ولا يزال مستمراً حتى اليوم، مؤكداً أن الخلاف بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة خلاف جوهري ووجودي، وليس تكتيكياً، وأنه لن يكون هناك مجال للنظر في أي طلب أمريكي للتعاون مع إيران – لا في المستقبل القريب بل حتى البعيد – إلا إذا أوقفت واشنطن دعمها الكامل للكيان الصهيوني وأزالت قواعدها العسكرية من المنطقة وكفّت عن التدخل في شؤونها.

وأكد سماحة القائد أن حلّ كثير من مشكلات البلاد وتحصينها لا يتحقق إلا عبر القوة، موضحاً أن هذه القوة يجب أن تكون إدارية وعلمية وعسكرية وروحية، داعياً الحكومة إلى أداء واجباتها «بقوة واقتدار».

وفي حديثه عن تاريخ العداء الأمريكي للشعب الإيراني وأبعاد حادثة الاستيلاء على السفارة الأمريكية، أوضح سماحته أن حادثة 13 آبان (4 نوفمبر1979) يمكن دراستها من زاويتين: تاريخية وهويّاتية، معتبراً أن ذلك اليوم كان يوماً من أيام المجد والانتصار للشعب الإيراني.

وأشار إلى أن في تاريخ إيران أياماً مشرقة وأخرى مظلمة، «وكلتاهما يجب أن تبقى في الذاكرة الوطنية». وذكّر بأحداث مشرقة مثل فتوى الميرزا الشيرازي في إلغاء امتياز التبغ، وإبطال اتفاقية "وثوق الدولة" ومواجهة الاستعمار البريطاني بجهود الشهيد مدرس ورفاقه، داعياً الطلاب وأصحاب الفكر إلى دراسة هذه الوقائع ومناقشتها مشددا على ضرورة عدم نسيان الأحداث المظلمة، كـ الانقلاب البريطاني عام 1921 الذي جاء برضا خان إلى الحكم وما تبعه من استبداد وهيمنة أجنبية.

وقال إن تسجيل حادثة الاستيلاء على السفارة الأمريكية وإطلاع الأجيال عليها أمر حتمي، موضحاً أن هذه الحادثة التاريخية كشفت هوية الولايات المتحدة الحقيقية، وفي المقابل أبرزت الجوهر الأصيل للثورة الإسلامية.

وتناول قائد الثورة المعنى القرآني لكلمة "الاستكبار"، مبيّناً أنها تعني التكبر والتعالي، مضيفاً: «قد يرى شخص أو دولة نفسه متفوقاً دون أن يعتدي على الآخرين، وهذا لا يثير العداء، لكن حين تعتبر دولة نفسها وصية على مصير الشعوب – كما فعلت بريطانيا سابقاً وتفعل أمريكا اليوم – فتنهب ثروات الأمم وتقيم قواعد عسكرية في البلدان الضعيفة، فهذا هو الاستكبار الذي نواجهه ونرفع في وجهه شعارنا».

وفي استعراضه لتاريخ العلاقة بين إيران وأمريكا، قال سماحة القائد إن إيران بعد الثورة الدستورية عاشت عقوداً من الاضطراب والتدخل الأجنبي والدكتاتورية الشرسة لرضا خان، إلى أن تولّى محمد مصدق رئاسة الحكومة عام 1950 تقريباً، فوقف في وجه بريطانيا ونجح في تأميم النفط الذي كان يُنهب بثمن بخس.

لكن، كما أوضح، فإن مؤامرات بريطانيا وشركائها لإسقاط حكومة مصدق، إضافة إلى سذاجة الأخير في طلب العون من أمريكا ضد الإنجليز، مهّدت الطريق أمام واشنطن للتآمر مع لندن وتنفيذ الانقلاب المشؤوم في 19 آب/أغسطس 1953، الذي أسقط الحكومة الوطنية وأعاد الشاه الهارب إلى الحكم.

وقال آية الله خامنئي إن ذلك الانقلاب شكّل ضربة قاسية للشعب الإيراني، ومنذ ذلك الحين أدركت الأمة الوجه الاستكباري والخطر الحقيقي لأمريكا، مشيراً إلى أن خمسةً وعشرين عاماً من دكتاتورية محمد رضا أعقبت الانقلاب، بغطاء ودعم مباشر من واشنطن.

واعتبر قائد الثورة الإسلامية، أول مواجهة بين أمريكا والثورة الإسلامية هي القرار العدائي الذي اتخذه مجلس الشيوخ الأمريكي بعيد انتصار الثورة، مشيراً إلى أن سماح واشنطن بدخول محمد رضا بهلوي إلى أراضيها أثار غضباً شعبياً واسعاً في إيران، حيث شعر الشعب أن الأمريكيين يخططون لتكرار انقلاب 19 آب/أغسطس 1953 (28 مرداد) وإعادة الشاه إلى البلاد، ما دفع الجماهير للنزول إلى الشوارع، وكانت إحدى تلك التظاهرات بمشاركة طلاب الجامعات قد أدت إلى الاستيلاء على السفارة الأمريكية.

وأوضح سماحته أن النية الأولى للطلاب كانت البقاء في السفارة ليومين أو ثلاثة فقط للتعبيرعن غضب الشعب الإيراني وإيصال رسالته إلى العالم، لكنهم اكتشفوا وثائق كشفت أن المسألة أعمق بكثير، وأن السفارة الأمريكية كانت مركزاً للتآمر والتخطيط لإسقاط الثورة.

وبيّن أن عمل السفارات في العالم يقتصر عادة على جمع المعلومات، لكن السفارة الأمريكية كانت غرفة عمليات للتآمر وتنظيم بقايا النظام البهلوي وبعض العسكريين وغيرهم للقيام بعمل مضاد للثورة، مضيفاً أن الطلاب حين أدركوا ذلك قرروا البقاء في السفارة والسيطرة عليها بالكامل.

وأكد قائد الثورة أن تفسير حادثة الاستيلاء على السفارة الأمريكية على أنها بداية الخلاف بين إيران وأمريكا تفسير خاطئ، موضحاً أن «المشكلة بدأت منذ انقلاب 1953، لا منذ 13 آبان (4 نوفمبر 1979)، مضيفاً أن الاستيلاء على السفارة كشف مؤامرة كبرى ضد الثورة وفضح حقيقتها.

وأشار إلى أن السبب الجوهري في عداء واشنطن للثورة الإسلامية هو أن إيران كانت طُعمةً حلوة انتُزعت من فم أمريكا، وفقدت هيمنتها على ثروات البلاد، فبدأت من اليوم الأول بتحريك المؤامرات ضد النظام والشعب الإيراني معاً.

وأكد أن العداء الأمريكي المتواصل طوال العقود الماضية دليل على صدق مقولة الإمام الخميني (رض): «اصرخوا بكل قوتكم في وجه أمريكا».

وقال: «عداء واشنطن لم يكن كلامياً، بل تمثل في العقوبات، والمؤامرات، ودعم الأعداء، وتحريض صدام على شن الحرب، وتقديم الدعم الكامل له، وإسقاط طائرة الركاب الإيرانية التي كانت تقل 300 مدني، والحروب الإعلامية والهجمات العسكرية المباشرة».

وأوضح سماحته أن جوهر أمريكا الاستكباري يتعارض مع جوهر الثورة الإسلامية الاستقلالي، مضيفاً أن «الخلاف بين واشنطن وطهران ليس تكتيكياً أو مرحلياً، بل هو خلاف وجودي وأصيل».

وردّ سماحته على من يروّج لفكرة أن شعار "الموت لأمريكا" هو سبب العداء الأمريكي لإيران، قائلاً: «هذا قلب للتاريخ. لم تعادِنا أمريكا بسبب الشعار، بل لأن مصالحها تتعارض جذرياً مع مصالح الجمهورية الإسلامية».

وتساءل سماحته: «بعضهم يقول: نحن لم نستسلم لأمريكا، لكن هل سنبقى على هذا الحال إلى الأبد؟» وأجاب: «أولاً، طبيعة أمريكا الاستكبارية لا تقبل إلا الاستسلام الكامل، وقد كان جميع رؤسائها يريدون ذلك، لكن الرئيس الحالي فقط هو من صرّح به علناً وكشف عن باطن واشنطن».

وأضاف: «هل يُعقل أن تتوقع أمريكا استسلام شعب يتمتع بهذا القدر من الوعي، والثقافة، والثروة، والشباب المؤمن الواعي؟ هذا أمر غير منطقي».

وأكد قائد الثورة أن السبيل لحلّ المشكلات وتحصين البلاد هو القوة، قائلاً: «يجب أن نقوّي البلاد على جميع المستويات – في الإدارة، والعلم، والجيش، والإيمان – لأن العدو إذا شعر أن الاصطدام مع هذا الشعب القوي سيكلّفه أكثر مما يفيده، فسيكفّ عن عدائه».

وشدد سماحته على أن القوة العسكرية والعلمية والإدارية والمعنوية، خاصة لدى الشباب، ضرورة لحماية الوطن.

ورداً على تصريحات أمريكية بشأن الرغبة في التعاون مع إيران، قال: «التعاون مع إيران لا يمكن أن يتحقق ما دامت أمريكا تواصل دعمها للكيان الصهيوني الملعون»، مؤكداً أن «طلب التعاون في ظل استمرار الدعم الأمريكي للكيان الذي أصبح مفضوحاً ومرفوضاً في الرأي العام العالمي هو طلب باطل وغير مقبول».

وأضاف: «إذا أوقفت أمريكا دعمها للكيان الصهيوني تماماً، وأزالت قواعدها العسكرية من المنطقة، وكفّت عن تدخلاتها، عندها يمكن التفكير بالأمر، لكن بالتأكيد ليس الآن ولا في المستقبل القريب».

وفي ختام كلمته، دعا سماحته الشباب إلى تعزيز الوعي والمعرفة السياسية والتاريخية عبر حلقات فكرية ودراسات معمقة للأحداث المرة والمشرقة في تاريخ البلاد، مشدداً على أهمية تسريع التقدّم العلمي بعد أن شهد تباطؤاً في السنوات الأخيرة، مؤكداً أن القطاع العسكري يواصل تقدمه بجهد متواصل وسيتجاوز المراحل الراهنة ليبرهن أن الشعب الإيراني لا يمكن إخضاعه أو كسر إرادته.

كما أوصى الشباب بالاقتداء العملي بسيرة السيدة الزهراء (ع) والسيدة زينب (ع)، والمحافظة على الصلاة، والحجاب كقيمة دينية وزهرائية وزينبية، والتقرب من القرآن والروحانية، مؤكداً أن الشباب المؤمن القوي هو وحده القادر على أن يقول "الموت لأمريكا" بمعناها الحقيقي ويصمد في وجه طغاة العصر.

وختم قائلاً إن ارتباط الشباب القلبي بالله هو الضمان لاستمرار التقدم وزيادة القدرة على مواجهة الأعداء.
 

Kobra aghaie

zahra moheb ahmadi