كان وما زال يعتبر كثير من الخبراء والمحللين السياسيين العمل العسكري ضد إيران من قبل الرئيس ‏الأمريكي المنتهية ولايته ’دونالد ترامب‘ أحد الاحتمالات القوية إلا أنه من المستبعد أن يتحقق هذا ‏الاحتمال لأسباب نختصرها فيما يلي:‏

ايران برس_آراءأولًا إن القوات المسلحة الإيرانية بجميع أذرعها الأمنية والعسكرية على كامل الاستعداد و‏الجهوزية لإحباط أي عملية عدوانية ضد البلاد والدفاع عنها وهو ما أعلنته قيادتها العسكرية ‏والسياسية، محذرةً الأعداء من أي خطوة عدوانية، مؤكدةً على أن القوات الإيرانية لن تتردد لحظة في الرد ‏على أي اعتداء محتمل.‏

ثانيًا، يبدو أن أمريكا في المجالين السياسي والعسكري مثقلة بأعباء أزمات وتحديات أفضت إلى ‏ارتباك بين مسؤوليها، وخطوتها في إرسال حاملة الطائرات “يو إس إس نيميتز” إلى منطقة الخليج الفارسي ومن ثم ‏سحبها من المنطقة وإعادتها ثانيةً إليها خير دليل على وجود مثل هذا التخبط والارتباك بين القيادة ‏السياسية والعسكرية الأمريكية.‏

ثالثًا، إن حاملة الطائرات هذه تعتبر هدفًا ثمينًا لإيران في مياهها الإقليمية، إذ إنها قد تستهدفها ‏وتدمّرها بقدرات عسكرية تتمتع بها بحريةً كانت أو جوية أو برية.‏

رابعًا، تطورات مساء الأربعاء التي عصفت بالعاصمة الأمريكية واشنطن، حيث تجمهر أنصار ‏ترامب أمام الكونغرس وقاموا باقتحامه والعبث بالوثائق الموجودة فيه والاشتباكات التي حصلت ‏بينهم مع قوات الأمن، ستأخذ تداعياتها بخناق ترامب لأنه كان المشجّع والمسبب الرئيس في هذه ‏الأحداث، وعليه، قد يواجه ترامب في الأيام المقبلة اتهامات تُفتح من جراءها ملفات في محاكم أمريكية ‏خاصةً أن أربعة أشخاص قتلوا في هذه الأحداث، وترامب هو المسؤول عن إراقة دمائهم.‏

خامسًا، إن الكونغرس الأمريكي أيّد نتائج الانتخابات الرئاسية لصالح المرشح الديمقراطي ‏‏“جو بايدن” ورفض الاعتراضات المقدمة من قبل ترامب وأعوانه، وعلى هذا، فقد أُغلق ملف الانتخابات ‏وفُتح ملف آخر وهو اقتحام الكونغرس من قبل أنصار الرئيس القاتل المنتهية ولايته، وفي هذا ‏الإطار فمن ألقى نظرة على وسائل الإعلام الأمريكية يرى بأنها بدأت تسلّط الضوء على هذا ‏الموضوع وترامب بإداركه لهذا الملف وتداعياته الخطرة، أسرع إلى الإعلان عن تسليمه ‏السلطة لـ’’جو بايدن‘‘ بسلاسة في 20 كانون الثاني/يناير الجاري.‏

وفي الواقع فإن التجمهر أمام الكونغرس والاشتباكات التي تمخض عنها والتي أدت إلى مقتل ‏أربعة اشخاص، جعلت التطورات الأمريكية الداخلية أكثر تعقيدًا، وعليه فإن القضية بددت خطر ‏احتمالية قيام أمريكا بعمل عسكري ضد إيران ذلك أن ترامب ليس بإمكانه ارتكاب خطوة رعناء ‏أخرى خاصةً أن عددًا من النواب الديموقراطيين دعوا نائب الرئيس الأمريكي “مايك بنس” إلى استخدام ‏صلاحياته القانونية لعزله.‏

يبدو أن جميع التطورات الأخيرة التي عصفت بأمريكا خاصةً بالنظر إلى حلفاء ترامب ‏الإقليميين الذين عقدوا الأمل عليه في احتمالية عمله العسكري ضد إيران، خيّبت آمالهم أكثر من ‏الآخرين بسبب أن ترامب يقف الآن على حافة السقوط في مزبلة التاريخ.‏

د. جلال جراغي

الباحث في الشؤون الإعلامية والسياسية الإقليمية

22/66

اقرأ المزيد

الكونغرس يصدق على فوز جو بايدن وترامب يرضخ

نواب ديمقراطيون يطالبون بعزل ترامب