Mar 30, 2021 14:31 Asia/Tehran [Updated: Mar 05, 2022 13:14 Asia/Tehran]
  • يوم التوقيع على اتفاق التعاون الشامل بين إيران والصين يوم حزين للغربيين

إيران لم تعد بحاجة إلى اتفاقات مثل الاتفاق النووي وبشكل رئيسي ‏للغربين ذلك أن مسار إيران من خلال التوقيع على اتفاق التعاون الشامل مع الصين سيتغير باتجاه آسيا الشرقية وعلى ‏هذا فإن يوم التوقيع على هذا الاتفاق يعتبر يوما حزينا للغربيين.‏

ايران برس_آراء: خلال السنوات القليلة الماضية كانت الصين عملت على توسيع علاقاتها الاقتصادية مع دول ‏منطقة الشرق الأوسط. وفي هذا الاتجاه، فإن السعودية والإمارات العربية تعتبران شريكتين ‏تجاريتين للصين في المنطقة كما أن روسيا هي الأخرى بعد الأزمة الأوكرانية أقدمت على إبرام ‏مختلف الاتفاقيات الطويلة المدى لمدة 20 أو 30 عاماً مع الصين بقيمة مئات المليارات من ‏الدولار، بالإضافة إلى أن الصين والعراق تجمعهما علاقات اقتصادية واسعة في المجال النفطي كما ‏أن بكين تربطها علاقات استراتيجية مع باكستان.‏

وحول أهمية البرنامج الشامل للتعاون المشترک بین  إيران والصین والأهمية التي تحظى إيران ‏بالنسبة للصين يمكن أخذ النقاط التالية بعين الاعتبار:‏

أولا، أن أهمية هذا الاتفاق لإيران ناتجة من أن إيران ليس لها أي شريك تجاري وسياسي وأمني على ‏المستوى العالمي، وفي المقلب الآخر أيضا أن الصين على الرغم من‌ أن هناك شراكة تجارية تجمعها ‏مع جملة من الدول إلا أنه ليست لها شراكة سياسية وأمنية وعسكرية مع أحد على المستوى ‏العالمي.‏

ثانيا، إن الشركاء التجاريين للصين في العالم مثل السعودية والإمارات وباكستان يقفون في الخندق ‏الأمريكي من حيث التوجهات السياسية ويتبعون أمريكا في أروقة الأوساط الدولية وفي الواقع فإن ‏هذه الدول تعتبر في الوهلة الأولى حليفة لأمريكا حيث تقوم بإذن وضوء أخضر من أمريكا بالتجارة ‏مع الصين.‏

ثالثا، إن إيران مقارنة بالدول الأخرى التي تجمعها شراكة تجارية مع الصين، تتمتع باستقلالية ‏سياسية واستقلالية في القرار، وفي هذا الإطار وصلت الصين إلى هذه القناعة بأن إيران ليست مثل ‏السعودية أو العراق تتنازل عن مواقفها ومبادئها المحددة نتيجة ممارسة ضغوط غربية ذلك أن ‏العراق في ولاية رئاسة وزراء “عادل عبدالمهدي” قام بالتوقيع على اتفاق مماثل بقيمة 400 مليار ‏دولار إلا أنه بسبب الضغوط الأمريكية لم تتم ترجمته على أرض الواقع وكلام مستشار قائد الثورة ‏الاسلامية ومسؤول ملف التعاون الاستراتيجي بين إيران والصين “علي لاريجاني” في استقباله وزير ‏الخارجية الصيني “وانغ يي” يفسر هذه الحقيقة حيث أكد الأول أن إيران تتخذ قرارها في إقامة ‏علاقاتها مع باقي الدول باستقلالية وليست كبعض الدول التي تغير موقفها نتيجة اتصال هاتفي.‏

وقد كان كلام علي لاريجاني هذا ردا على هواجس الجانب الصيني في هذا المضمار حيث أشار وزير ‏الخارجية الصيني هو الآخر إليها قائلًا إنّ العلاقات بين الصين وإيران لن تتأثر بالظروف السائدة بل ‏إنها ستكون دائمة واستراتيجية.‏

وقد يكون أحد الأسباب التي دفعت الصين في هذا التوقيت للتوقيع على هذا الاتفاق هو أن ‏الصينيين كانوا يترقبون قوة إيران في التحلي بالصمود والمقاومة أمام ضغوط الغربيين ومن ثم ‏التحقق من قوة إيران في هذا المجال حيث وصلوا الى هذا الاستنتاج بأن إيران لن تتنازل عن ‏مبادئها المبدئية وليست كبعض الدول التي تغير موقفها ومبادئها نتيجة ممارسة ضغوط.‏

رابعا، إن الصين عطشانة للموارد النفطية والغازية وفي هذا الإطار فإن إيران هي ثاني أكبر دولة ‏تمتلك الموارد الغازية بعد روسيا التي هي الأخرى أبرمت اتفاقات طويلة المدى مع الصين، كما أنها ‏رابع أكبر دولة تتملك المصادر النفطية.‏

خامسا، إن الفرق الذي يميز إيران عن باقي دول المنطقة لإبرام مثل هذه الاتفاقيات هي أنها إضافة ‏إلى الموارد النفطية والغازية، تمتلك موارد عظيمة أخرى ومختلف المجالات الواسعة للاستثمار، ‏إضافة الى مكانتها الجيوسياسية والاستراتيجية في المنطقة.‏

سادسا، إن إيران تعتبر إحدى الدول الكبرى الرئيسية على المستوى الإقليمي لما تتمتع بمقومات ‏عسكرية وأمنية ومقارنة بالدول الإقليمية الأخرى بإمكانها الاضطلاع بدور حليف وازن للصين أمام ‏محور الغرب.‏

سابعا، إن إيران من حيث المقاربات السياسية والثقافية قريبة من الصين ويسود تناغم بينهما فيما ‏أن الغربيين على مدى التاريخ تعاملوا مع إيران من منطق الغطرسة والتنمر وكانوا يحاولون فرض ‏سياساتهم الاستعمارية على المنطقة بما في ذلك على إيران. وعليه فإن الغرب غير موثوق به لإيران ‏فإن الغربيين خاصة الأمريكيين والبريطانيين منهم نكثوا مرات بعهودهم والتزاماتهم الدولية حيال ‏إيران وعلى هذا فإن إيران وضعتهم جانبا و بطبيعة الحال مؤشر على حماقة الغربيين الذين بذروا ‏بأيديهم بذور حلف آسيوي بين دولها. وفي هذا الإطار، توصلت طهران إلى هذه القناعة والحقيقة ‏بأن الغرب لن يتخلى عن عدائه ضد إيران بل سيستمر في هذا العداء لأسباب مختلفة منها نفوذ ‏الصهاينة في مراكز قراره واستمرار حلب بعض الدول الإقليمية وتحريضها ضدها وبناء على هذا فإن ‏إيران ومن خلال توقيعها على هذا الاتفاق أطلقت رصاص الرحمة على إجراءات الحظر الأمريكي ‏وسياساتها المتعجرفة حيالها وبطبية الحال فإنه على الغربيين أن يشعروا حاليا بالقلق إزاء هذا ‏الاتفاق. ‏

وفي السياق نفسه، فإن إيران لم تعد بحاجة إلى اتفاقات مثل الاتفاق النووي وبشكل رئيسي ‏للغربين ذلك أن مسار إيران من خلال التوقيع على هذا الاتفاق سيتغير باتجاه آسيا الشرقية وعلى ‏هذا فإن يوم التوقيع على هذا الاتفاق يعتبر يوما حزينا للغربيين.‏

د. جلال جراغي

الباحث في الشؤون الإعلامية والسياسية الإقليمية

تابعوا إيران برس على الفيس بوك

كلمات دليلية