أعلنت إيران وعلى لسان كبير مفاوضيها النوويين “علي باقري كني” صراحة أن “الصهاينة يحاولون إثارة الأجواء خارج غرفة المفاوضات لكي تنعكس هذه الأجواء على داخل الغرفة”.

إيران برس - إيران السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا تحاول إسرائيل إثارة الأجواء ضد المفاوضات النووية بين إيران ومجموعة أربعة زائد واحد وإفشال المفاوضات؟

ردا على هذا السؤال يجب القول بأن السبب الأول في أن إسرائيل خلال السنوات الأخيرة حاولت بشكل مستميت لإفشال المفاوضات النووية يعود إلى الدور الإسرائيلي في انسحاب الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة “دونالد ترامب” من الاتفاق النووي، ذلك أن إحراز أي نجاح في هذا المضمار يعتبر فشلاً في السياسات الخارجية التي كانت ومازالت تنتهجها إسرائيل في هذا المجال.

السبب الثاني يعود إلى نوع العلاقة السائدة بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية الإيرانية، فإن إيران لم تعترف بإسرائيل “كدولة” بل تعتبرها “لاعبًا غير شرعي‏” يحاول زعزعة أمن المنطقة والسيطرة عليها.

ووصف باقري كني في تصريحات له التدخلات الإسرائيلية غير المباشرة في المفاوضات النووية في فيينا بأنها نابعة من “هويتها غير الشرعية”، قائلًا إنّ “هناك كيانا غير شرعي خارج غرفة المفاوضات يحاول إثارة الأجواء خارج الغرفة وتدميرها”. وعلى هذا فإن إسرائيل على اعتقاد بأنه كلما ازدادت الضغوطات المفروضة على إيران ستوفر مصالح إسرائيل أكثر.

والسبب الثالث والأهم هو أن أكثر ما تخشاه إسرائيل من إيران هو تحوّل إيران إلى مثال وقدوة لشعوب المنطقة. والسلطات الإسرائيلية داخل الأراضي المحتلة تعاني شتى أنواع الأزمات وعلى اعتقاد بأن تقليص منسوب الضغوطات على إيران خاصة توفير إمكانية بيع نفطها وحصولها على العملة الصعبة من شأنه أن يؤدي إلى تنمية اقتصادها. من جهة أخرى فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية طيلة العقود الأربعة الماضية أكدت دوما استقلالها في السياسة الخارجية ومعارضتها للتدخلات الأجنبية في شؤون المنطقة وتعزيز فصائل المقاومة أمام الكيان الإسرائيلي. انطلاقًا من هذا فإذا تمكنت إيران من تحقيق تنمية اقتصادية قد تتحول إلى قدوة لشعوب المنطقة معناها أنها من غير الاتكال على أحد حققت الهوية الإسلامية والتنمية والتطور فهذه تأتي نقيضًا لمحاولات إسرائيلية وعليه فإن صحيفة “إسرائيل اليوم” كتبت أخيرا بأن “حكومة نفتالي بينيت  تعارض بشدة أي خطوة في اتجاه إلغاء إجراءات الحظر الأمريكي ‏ضد إيران وتعتبرها خطوة سيئة‏”.

والسبب الرابع هو أن إسرائيل على قناعة بأن انحسار الضغوط الدولية المفروضة على إيران من شأنه أن يؤدي إلى تعزيز مكانة إيران الإقليمية. بعبارة أدق فإن إسرائيل على اعتقاد بأن إيران التي تمكنت من تعزيز مكانتها ومكانة حلفائها الإقليميين في ظل وجود أشكال الحظر القاسي والشديد عليها فإن تقليص حجم الضغوطات المفروضة عليها سيؤدي بالتأكيد إلى مزيد من الرقي بمكانتها الإقليمية ومكانة حلفائها، ذلك أن المتاعب والمشكلات الداخلية الإيرانية ستقلص. وفي هذا الإطار كتبت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن “القلق الإسرائيلي الحقيقي نابع من أن أي اتفاق إيراني أمريكي قد يؤدي إلى انسحاب ‏أمريكا من المنطقة وتعزيز مكانة إيران فيها”. وبعبارة أخرى فإن إسرائيل تعتبر التواجد الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط واستمرار الضغوط العالمية ضد إيران سببا للحيلولة دون تغيير الموازنة في المنطقة لصالح إيران.

وعلى هذا يمكن القول بأن إسرائيل وإن ليست لاعبة مباشرة على طاولة المفاوضات إلا أنها أهم لاعبة سرية وغير مباشرة بطبيعتها المدمرة للمفاوضات والتي تحاول علانية إفشال المفاوضات.

 د. جلال جراغي ،كاتب في الشؤون السياسية والإعلامية

المصدر:رأي اليوم

88

إقرأ المزيد

الاحتلال الإسرائيلي يعترف بقتل ألفي طفل فلسطيني منذ العام 2000

قريباً.. مناورات عسكرية مرتقبة للغرفة المشتركة لفصائل المقاومة