إيران برس - إيران: وقد جاء في البيان الصادر من المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية: حمدًا لله وشكرًا، لقد انتصرت فلسطين بعد حرب ضارية شُنّت عليها لمدة 12 يومًا، حرب وحشية قتلت ودمّرت في قسوة قلّ لها نظير، ارتكب فيها العدوّ الصهيوني جرائم حرب وانتهاك للقرارات الدولية ولكل القيم الإنسانية، ومع ذلك فقد انتصرت فلسطين انتصارًا باهرًا دفع بالعدوّ إلى أن يستجدي من هنا وهناك من يساعده على وقف إطلاق النار.
إنها معجزة باهرة تُضاف إلى المعاجز التي حققها الشعب الفلسطيني خلال 72 عامًا من صراعه مع العدوّ المغتصب الغادر.
وكان لهذا الانتصار طعم آخر، وهذا هو الذي دفع بالملايين داخل فلسطين وخارجها في جميع أرجاء العالم ليخرجوا مبتهجين بهذا النصر.
انه انتصار الدم على السيف بامتياز، إنه انتصار روح المقاومة المستندة إلى التوكل على الله سبحانه، إنه انتصار الوحدة التي تحدت كل عوامل التجزئة.
هذا الذي حدث خلال هذه الحرب العدوانية الصهيونية قد أدهش العالم، وأذاق الأعداء المرارة تلو المرارة. وأذاق أصدقاء فلسطين وأنصار الحقّ حلاوة سيبقى شهدها في الأفواه والقلوب والهمم حتى تحقيق النصر النهائي بحول الله وقوته. لقد اتحدت فلسطين بكل قطاعاتها ومجموعات شعبها: في غزّه والقدس والضفة الغربية وفي أراضي 48 وفي المخيمات وفي الشتات، وفي أرجاء العالم. اتحدوا بأجمعهم ونصروا القضية الفلسطينية ونصروا الحق فنصرهم الله سبحانه: ’’إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ‘‘.
كثيرة هي الكتب والمقالات التي نادت بضرورة وحدة فصائل المقاومة، لكنّ ساحة المواجهة العملية كان صوتها أقوى من كل ذلك، ذلك لأن:
السيف أصدق أنباء من الكتب في حدّه الحدّ بين الجدّ واللعب
المعركة المصيرية وحّدت.. وهذه الوحدة مكسب ثمين تحقق بدماء الشهداء وجراح المصابين ومصاب المتضررين فلا يجوز التفريط بها. لابدّ أن تبقى حيّة في النفوس والأرواح في هذا الجيل والأجيال القادمة وأن تظل تُقدّم الدروس لكل المقاومين في وجه طغاة العالم.
الإعلام الصهيوني يقول بكل صراحة إن سبب ما تحقق من انتصار يعود إلى تلاحم حماس السنية مع إيران الشيعية. إنها لغة طائفية نرفضها، ولكن وراءها حقيقة هامة هي أن ما تحقق من نصر يعود إلى تجاوز الحساسيات الطائفية والقومية والفئوية.
وهنا يجب أن نذكر باعتزاز وتقدير دور تلك المؤسسات الإسلامية التي وقفت إلى جانب الشعب الفلسطيني وأيدت نضاله البطولي في سبيل قضيته العادلة.
وهكذا دور علماء الدين الأحرار والمفكرين والمبدعين والإعلاميين السائرين على طريق الثوار في تحقيق هذا الانتصار.
لقد دخل ساحة المقاومة في هذا العدوان الأخير على غزّة كثير من المنزوين والمترددين، وهذه من نعم الله تعالى، ونسأله سبحانه دوام النعمة وإتمامها على هذه الأمة.
هبّة الشعوب في جميع أرجاء العالم لنصرة الشعب الفلسطيني ظاهرة يجب تعميقها وترسيخها. وقوف علماء الدين والمفكرين والكتاب إلى جانب القضية الفلسطينية ينبغي تحقيق عوامل استمراره وبقائه.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية يرى أن العالم الإسلامي بل العالم عامةً دخل بعد هذا العدوان على فلسطين مرحلة جديدة، مرحلة ما ضربه الله سبحانه مِن مَثَل في كتابه العزيز للصراع بين الحق والباطل: ’’فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ‘‘. فلْنشمّر عن ساعد الجدّ لاستثمار عطاء هذه المرحلة الجديدة مرحلة تحقيق الأمة الواحدة المتضامنة المتكافلة الصامدة بوجه المعتدين، المتجهة إلى تحقيق العزّة والكرامة وإلى بناء الحضارة الإسلامية الحديثة، وما ذلك على الله بعزيز.
د.حميد شهرياري
الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
22
إقرأ المزيد