عشية الذكرى السنوية الثانية لأزمة الفراغ الرئاسي، اجتمع أكثر من خمسين نائبًا من مختلف الكتل النيابية في مجلس النواب، حيث اتفقوا على عدة توصيات تهدف إلى إدارة أزمة النزوح وتجنب الاحتكاكات. ورغم الطابع غير الرسمي للاجتماع، فقد أتى بمبادرة من النواب وليس بدعوة من رئاسة المجلس، مما يعكس وحدة استثنائية في المواقف بين مختلف الأطياف السياسية.
وقد أكد النواب في بيانهم المشترك على أن أزمة النزوح نتيجة "العدوان الإسرائيلي" تتطلب مقاربة وطنية شاملة، ووجّهوا دعوة للحكومة اللبنانية لبذل المزيد من الجهود لتأمين أماكن الإيواء والمستلزمات الضرورية للنازحين. كما دعوا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته الإنسانية، وطالبوا الأجهزة الأمنية بتطبيق القانون ومنع أي مظاهر أمنية غير رسمية.
من جانبه، استهلّ عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب أمين شري، حديثه بالترحم على أرواح الشهداء الإعلاميين، مشيرًا إلى أن لبنان خسر 11 شهيدًا إعلاميًا ولا يزال هناك العديد من الجرحى، مؤكدًا أن "العدو الإسرائيلي" لا يميز بين المدنيين والإعلاميين.
وأشار شري إلى اجتماعٍ نيابي، حيث اجتمع نحو 50 نائبًا من مختلف الكتل النيابية، وتوحّد الجميع حول موضوع النازحين. وتطرق شري إلى كلام زميله في نفس الكتلة النيابية النائب حسن فضل الله الذي أثنى على استضافة اللبنانيين للنازحين، سواءً على مستوى القوى السياسية، أو البلديات، أو المجتمع ككل، خصوصًا مع استضافة النازحين من الجنوب ومن الضاحية الجنوبية، مؤكدًا أن الاستضافة اتسمت بروح وطنية وإنسانية.
وأضاف شري أنه تم الاتفاق بين الكتل النيابية على عدة نقاط أساسية، أبرزها كيفية تنظيم ملف النازحين على مستوى جميع المناطق اللبنانية. ودعا شري الحكومة اللبنانية لتحمل مسؤولياتها في هذا الملف، مشيرًا إلى وجود 800 مليون دولار كان يجب توجيهها كمساعدات للنازحين بعد مؤتمر "باريس".
كما شدد على أهمية قيام الأجهزة الأمنية والعسكرية بتنظيم شؤون النازحين تجنبًا لحساسيات قد تبرز يوميًا، معتبرًا أن الصورة العامة حول هذا الموضوع هي صورة إيجابية وطنيًا، مشيرًا إلى ضرورة حلّ التفاصيل الصغيرة بالتعاون بين الأطراف السياسية.
وفي سياق حديثه، دعا شري الحكومة لدعم البلديات وتوفير الموارد المالية اللازمة لها لتتمكن من أداء مهامها في تنظيم شؤون النازحين. وأشار إلى أن البلديات لم تتسلم بعد مستحقاتها من الدولة، معتبرًا أن الوقت المناسب قد حان لدعم البلديات في ظل الظروف الحالية.
وفي ختام كلمته، أكد النائب أمين شري أن موقف كتلة "الوفاء للمقاومة" هو موقف وطني وإنساني، موجهًا الشكر لكافة الكتل النيابية التي شاركت في الاجتماع، ومشددًا على ضرورة إرسال رسالة توحّد اللبنانيين حول القضايا الوطنية، وإظهار قدرة اللبنانيين على تحمل المسؤولية والتعاون لتحقيق الأهداف المشتركة.
في سياق متصل، أكد النائب في البرلمان اللبناني عضو كتلة "التنمية والتحرير"، علي حسن خليل، في كلمته يوم الثلاثاء على أهمية اللقاء الوطني، واصفًا إياه بأنه رسالة واضحة للعدو الإسرائيلي الذي راهن على إحداث انقسام بين اللبنانيين من خلال جرائمه الممتدة على مساحة الوطن. وبيّن أن الكتل النيابية وجهت رسالة وطنية عبرت عن تضامن اللبنانيين في مواجهة المحن، متجاوزين الخلافات السياسية المشروعة بين المكونات.
وأشار خليل إلى أن قضية النزوح تمثل مسؤولية وطنية مشتركة، داعيًا الحكومة والسلطة التنفيذية لتحمل واجباتها تجاه هذا الملف مع التقدير لبعض الجهود المبذولة خلال الفترة الماضية. لكنه لفت إلى وجود فجوات في أداء اللجان المكلفة، ما يعكس حالة من الإرباك وعدم وجود خطة إيواء واضحة للنازحين، خصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء.
كما وجّه النائب رسالة للجنة الوزارية المعنية وهيئة إدارة الكوارث الوطنية، مطالبًا بخلق ديناميكية جديدة لمعالجة هذا الملف، خاصةً في ظل وصول مساعدات مالية وعينية كبيرة للبنان. وطالب بتحسين أداء الوزراء والهيئات الحكومية المعنية بهذا الملف، مؤكدًا استمرار متابعته لهذا الموضوع.
وفيما يخص التعليم، خاطب خليل وزير التربية، مشددًا على أهمية إنقاذ العام الدراسي مع ضرورة الانتباه لحاجة شريحة كبيرة من الطلاب، تتجاوز 30%، الذين يعانون من صعوبات في متابعة دراستهم. ودعا إلى اتخاذ التدابير اللازمة لضمان حق التعليم للجميع بشكل متساوٍ، مؤكدًا على متابعة الوزارة لجميع الخطط الموضوعة بهذا الصدد.
كما وأكد النائب وائل أبو فاعور أن الاجتماع عقد بسعي مشترك من كتلتي "اللقاء الديموقراطي" و"الاعتدال الوطني"، وبدعم من رئيس مجلس النواب نبيه بري.
هذا الإجماع النيابي الاستثنائي على توحيد الموقف الوطني يعكس رسائل تضامن لبنانية في مواجهة الأزمات، ويسعى إلى خلق توجهات عملية لمعالجة تداعيات النزوح.
22
اقرأ المزيد
59 مليونًا.. عدد قياسي للنازحين داخليًا حول العالم في عام 2021