إيران برس - الشرق الأوسط: لقد قيل الكثير عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة وتأثيرها على إيران، وما في الأمر أنّ طهران لا ترغب في فوز الرئيس الأمريكي الراهن “دونالد ترامب” فيها وبالنظر إلى أداء ترامب وتصرفاته حيال إيران، فلا شك أنّ طهران ترغب في خروجه من حلبة الانتخابات المقبلة وإنتهاء حياته السياسية واستبداله بالمرشح الديمقراطي “جو بايدن”، ذلك بسبب مقاربات الديمقراطيين السياسية وخاصةً مرشحهم بايدن حيال إيران والاتفاق النووي (خطة العمل المشترك الشاملة). وبالتالي فمن الواضح أنّ إيران تواجه خيارين لا ثالث لهما وهما بقاء ترامب وعدم بقائه في الحلبة السياسية الأمريكية، إلا أنّ هذه المعادلة مختلفة بالنسبة لبعض الدول الإقليمية، إذ أنّ بقاء ترامب أو عدم بقائه على رأس السلطة في أمريكا كلاهما يشكّلان مصدر قلق عميق لهذه الدول.
على سبيل المثال فإنّ السعودية وحلفاءها الإقليميين التابعين لها اليوم أكثر قلقًا من إيران حول الانتخابات الرئاسية الأمريكية ونتائجها، خاصةً أنّ معظم استطلاعات الرأي تشير إلى اتساع الفجوة بين ترامب ومنافسه الديمقراطي، جو بايدن، في الانتخابات المقبلة لصالح الأخير.
لا شك أنّ الرياض في الوهلة الأولى تشعر بقلق من إمكانية هزيمة ترامب في الانتخابات وهذا مصدر قلقها الرئيسي بل بات كابوسًا لها، والمحاولات المستميتة للإمبراطورية السعودية في هذه الأيام للتأثير على الجالية العربية المقيمة في أمريكا التي يبلغ عددها نحو أربعة ملايين شخص، إضافةً إلى أشخاص تابعين لها ذوي نفوذ في وسائل الإعلام الأمريكي، تفّسر هذا الرأي.
ويمثّل احتمال هزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية كابوسًا رهيبًا للسعودية ذلك أنه يعني ذهاب طموحات ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” أدراج الريح وعدم تحقيق مخططاته وبرامجه المستقبلية بدءًا من تحويل بلاده إلى قوة نووية والتي تتابع حاليًا برنامجها النووي على قدم وساق وبسرّية تامة، مرورًا بضمان بقائه في السلطة وصولاً إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل وتحقيق مخططاته الإقليمية.
ومن ناحية أخرى، فإنّ السعودية تشعر بالقلق من فوز ترامب في الانتخابات أيضًا والقلق الرئيسي للسعودية في هذا المجال نابع من مواقف ترامب المتغيرة وخطاباته غير المتوقعة وكونه شخصًا لا يمكن التهكن به وبتصرفاته واحتمال توجهه وميله نحو طهران، خاصةً أنه أعلن مرارًا عن رغبته في بدء الحوار مع طهران وصرّح بأنه في حال فوزه في الانتخابات سيبدأ حوارًا مع طهران بهدف التوصل إلى اتفاق جديد معها بدلًا من الاتفاق النووي (خطة العمل المشترك الشاملة) المبرم بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد (أمريكا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا) في 14 تموز/ يوليو 2015، ومما لا شك فيه أنّ ترامب أدلى بتصريحاته الأخيرة المتعلقة بالسعودية للمزيد من ابتزاز الرياض في إطار سياسة التهويل من إيران إلا أنّ قضية الانتخابات باتت أحد مصادر قلق للسعودية، ولهذا السبب فإنّ السعوديين اليوم يحاولون من ناحية إضفاء الطابع الاستراتيجي على علاقاتهم مع أمريكا وكأنه لا يؤثر عليها تغيير شخص أو رئيس، ومن ناحية أخرى يحاولون الحصول على تطمينات من الأمريكيين بشأن موقف واشنطن المستقبلي من السعودية حيث سمعوا من الأمريكيين حرصهم على استمرار علاقات التعاون مع السعودية ولا ينبغي عليها أن تقلق من مستقبل العلاقات.
د. جلال جراغي، الباحث في الشؤون الإعلامية والسياسية
المصدر: رأي اليوم
33